للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصلاة وليس معهما ماء، فصليا ثم وجدا الماء في الوقت، فأعاد أحدهما ولم يعد الآخر؛ فصوبهما النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال للذي لم يعد: "أصبت السنة وأجزأتك صلاتك"، وقال للآخر: "لك الأجر مرتين".

ومنها: اجتهاد مجزز المدلجي بالقيافة، وقال: إن أقدام زيد وأسامة بعضها من بعض، وقد سر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك حتى برقت أسارير وجهه. وذلك دليل على صحة إلحاق ذلك القائف الفرع بالأصل، مع أن زيدًا أبيض وأسامة أسود؛ فألحق هذا القائف الفرع بنظيره وأصله، وألغى وصف السواد والبياض الذي لا تأثير له في الحكم.

ومنها: اجتهاد أبي بكر الصديق رضي الله عنه في الكلالة قال: أقول فيها برأي فإن يكن صوابًا فمن الله، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان (أراه ما خلا الوالد والولد) فلما استخلف عمر قال: إني لأستحيي من الله أن أرد شيئًا قاله أبو بكر.

قال مقيده -عفا الله عنه وغفر له-: ومن أغرب الأشياء عندي ما جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أشار له إلى معنى الكلالة إشارة واضحة ظاهرة جدًا. ولم يفهمها عنه مع كمال فهمه وعلمه، وأن الوحي ينزل مطابقًا لقوله مرارًا. وذلك أنه رضي الله عنه قال: ما سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن شيء أكثر ما سألته عن الكلالة حتى طعن بأصبعة في صدري وقال: "تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء". وهذا الإرشاد من النبي - صلى الله عليه وسلم - واضح كل الوضوح في أنه يريد: أن الكلالة هي ماعدا الولد والوالد؛ لأن آية الصيف المذكورة التي أخبره أنها تكفيه دلت على ذلك دلالة كافية واضحة فقوله تعالى فيها: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيسَ لَهُ