الحاجة إليه. وقد قدمنا في سورة "النساء" الفرق بين قولهم: رغب عنه، وقولهم: رغب فيه، في الكلام على قوله تعالى:{وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ .. } الآية. والتحقيق في قوله: {مَلِيًّا (٤٦) } أن المراد به الزمن الطويل ومنه قول مهلهل:
فتصدعت صم الجبال لموته ... وبكت عليه المرملات مليًّا
وأصله واويّ اللام؛ لأنه من الملاوة وهي مدة العيش. ومن ذلك قيل لليل والنهار: الملوان. ومنه قول ابن مقبل:
ألا يا ديار الحي بالسبعان ... أملّ عليها بالبِلَى المَلَوان
وقول الآخر:
نهار وليل دائمٌ مَلَواهما ... على كلِّ حالِ المرء يختلفان
وقيل "الملوان" في بيت ابن مقبل: طرفا النهار. وقوله: {إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (٤٧) } أي لطيفًا بي. كثير الإحسان إلي. وجملة:{وَاهْجُرْنِي} عطف على جملة: {لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ}، وذلك دليل على جواز عطف الجملة الإنشائية على الجملة الخبرية. ونظير ذلك من كلام العرب قول امرئ القيس:
وإن شفائي عبرة إن سفحتها ... وهل عند رَسْمٍ دارسٍ من مُعَوَّل (١)
فجملة "وإن شفائي" خبرية، وجملة "وهل عند رسم" الخ إنشائية معطوفة عليها. وقول الآخر أيضًا:
(١) رواية البيت كما في معلقته: وإن شفائي عبرة مهراقة ... فهل ................... إلخ.