ويعود ذو الرُّمة إلى دياره غضبانَ أسِفًا، ولكنهُ قد عزم وصمم. فستكون له مى عرفتهُ أو أنكرتهُ، وسيهدى إليها بشعر يضئ لعينيها طريق قلبها رضيتهُ أو كرهتهُ، وسيقذف على ألسنة الرواة، من شعره الذي يذكرها فيهِ حتى تتلقف الآذان اسمها فتطلع إليها وإلى أخباره وأخبارها، فلا يلبث من فوره أن ينشد الناس في الأندية ذلك الرجز الذي ذكرناه آنفًا:"هل تعرف المنزل بالوحيد؟ "، ثم يُرْدِف إليها ذلك الرجز الآخر الذي يقول في أولهِ:
وسالت أودية بني عدي بهذا الشاعر الذي نبغ بينهم، وتناقلوا ما أنشدهم، وتساءل القوم: ما "ميّ" هذه التي يذكرها؟ وكل امرئ يخشى أن تصيبه معرَّة هذا اللسان العاشق حين يتولج إلى حرمه بالصبابة والوجد. وأقبل على "غيلان"
(١) النؤى: حَفْر يكون حول الخباء يمنع الماء. الرميم: الرماد. (٢) السفع: الأثافي، تضرب إلى السواد فيهن حمرة. (٣) بعدا: كذا بالأصول، وبعيد لا تجمع على بُعَّد. ورواية الديوان وسائر المصادر: يُيَّدا: أي نائية. (٤) الخرّد: الحَيِّيات. (٥) الأمرد: الذي لم تنبت له لحية بعدُ. الأشمط: الذي خالط سواد شعره بياض. (٦) الشرق هنا: البكاء، وأجود روايات البيت: السَّرْق، أي استراق النظر. (٧) تخضد: تثنَّى. الريْط: جمع ريطة، وهي الملاءة. المعضد: ضَرْب من الوشى.