لم يَكُنْ لي غدٌ فأفرغتُ كأسى ... ثَم حطَّمْتها على شَفَتيَّا
أيها الخافقُ المعذَّبُ يا قلْـ ... ـبى نزحتَ الدُّموعَ من مقلَتيَّا
أفحتمٌ عليَّ إرسال دَمعى ... كلما لاح بارقٌ في مُحيَّا
يا حبيبى لأجْل عينيك ما ألْـ ... ـقى وما أوَّلَ الوشاةُ عليَّا
أأنا العاشق الوحيدُ لتُلقَى ... تبعاتُ الهوَى على كَتفيَّا
فتكون هذه الأبيات الرقيقة سببًا في إثارة الريحانى على الشعراءِ المعاصرين الذين يحبسون شعرهم على البكاءِ والنحيب والحسرة والألم وإظهار الضعف عن تحمل الهوى. ويكثر الجدلُ بين الأدباءِ عن هذا الشعر الباكى الضعيف ويتقسمون الرأي بين راض ومستنكر. ويسخر الريحانىّ في كتابه هذا من الشعر الذي يحبسهُ أهله على الضعف والتخنث والبكاء والتقليد ويهيب بالشعراء إلى القوة والفتوة والرجولة والتجديد.
ونحن من قبلنا لا نحبُّ أن نجادل فيما لا يلدُ الجدل فيه إلَّا العناد والكبرياءَ والتعصب للرأي أو للهوى ولا نبالي أن يقول الناس أصبنا أو أخطأنا إلا أن يكون ميزان الصواب والخطأ العدل والحق والإخلاص والقسط الذي لا يرجح بالناقص ولا يَشيل (١) بالوافي.
(*) المقتطف، المجلد ٨٣، ديسمبر ١٩٣٣ , ص: ٦١٣ - ٦١٤ (١) شال الميزان: ارتفعت إحدى كَفَّتيه.