وفي قوله:((وربَّما حرّضوا)) بعضُ قلقٍ، والأولى أن لو قال:((وربما أبقوا جَرَّ المضافِ إليه))؛ فإن قوله:((جَروا)) يُعطي تجديد الجرِّ بعد الحذف، وليس كذلك، بل هو الجرُّ الأولُ الموجودُ قبل الحذفِ.
ثم اشترط في جواز هذا الحكم أن يكون ما حُذِف-وهو المضاف-مماثلا لمضافٍ متقدّم [عُطِف (١)] عليه ذلك المحذوف، وذلك قوله:((ولكن بشرط أن يكون ما حِذُفْ)) إلى آخره، والضمير في قوله:((لما عليه)) عائدٌ على ((ما))، و ((ما)) واقعة (٢) على المضاف المعطوف عليه، والضمير في ((عُطِف)) عائدٌ على المضاف المحذوف، و ((عليه)) متعلق/ بعطف، و ((بشرط)) متعلِّقُ ... ٤٠٣ باسم فاعلٍ محذوفِ هو حالٌ من فاعل جرُّوا))، أي: ملتبسين بشرط كذا. والتقدير: وربما جرُّوا كذا بشرط أن يكون المحذوفُ مماثلاً للمضافِ الثابت الذي عطف عليه المضاف المحذوف.
وقد مشتمل هذا الشرطُ على شرطين:
أحدهما: أن يكون المحذوفُ معطوفاً على مضافٍ ثابتٍ، فإن كان كذلك جاز حذفُ المضاف، وإن لم يكن كذلك لم يجز، وما جاء من ذلك فلا يقاس عليه كقراءة ابن جَمّاز (٣): (والله يريدُ الآخرةِ (٤)))، بجرَ (الآخرةِ)؛ فإن المضافَ المحذوفَ، وهو ((عَرَضَ)) ليس بمعطوف على (عَرَضَ) الأول في قوله: (تريدون عرضَ الدنيا (٤)). وكذلك ما في الحديث
(١) سقط من الأصل، أ. (٢) في الأصل، أ: ((وافقه)). وهو خطأ. (٣) هو أبو الربيع سليمان بن مسلم بن جماز الزهري المدني، مقرئ جليل ضابط، مات بعد ١٧٠ هـ انظر: غاية النهاية ١/ ٣١٥. (٤) الآية ٦٧ من سورة الأنفال. وانظر المحتسب ١/ ٢٨١ - ٢٨٢، والبحر المحيط ٤/ ٥١٨ - ٥١٩.