للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال في الشرح المؤلِّفُ: إنهما وغيرهما مما تقدم بُني لشبه الحرف لفظا من قَبلِ الجمود، وكونها لا تثنى ولا تجمع، ولا يخبر عنها، ولا تصغَّر (١)، ولا يُشتق منها. وبالجملة لا تتصرّفُ تصرّف السماء. وشبهه معنى من جهة الافتقار لما يُبين معناها لزوما، قال: فكان مقتضى هذا أن تُبنى أبداً، إلا أنها أشبهت الأسماء التامة الدلالة بأن أُضيفت إضافةً صريحةً، وبأن جُرِّدت تجريداً صريحاً قصداً للتنكير، فوافقتها في الإعراب، فإذا قُطعت عن الإضافة ونُوِى معنى الثاني دون لفظه أشبهت حروف الجواب في الاستغناء بها عن لفظ ما بعدها.

والحاصلُ لها الآن ثلاثةُ أحوال: حالُ التصريح بترك الإضافة عند قصد التنكير، وحالُ التصريح بالإضافة عند قصد التعريف، وحالُ تركِ الإضافة لفظاً وإرادتها معنى، فكان البناءُ مع هذه الحال الأخيرة أليقَ لأنها على خلاف الأصل، وبناءُ الاسم على خلاف الأصل، فَجَمع بينهما التناسبُ، وتعيّن كون الإعراب مع الحالين الأخيريين لأنهما على وَفْقِ الأصل، وإعراب الاسم على وفق الأصل. وإنما بُنيت على حركة للمزيّة الثابتة لها على مالم يُعْربْ قَطُّ، وكانت ضمةٌ لأنها حالة لا تعرب عليها قبلُ وبعدُ، وحًمِلت البواقي عليها، أو لأن الفتحة قد استحقَّها الإعراب ظرفا أو حالاً، والكسرة لم يُبن عليها لإيهام الجرّ بالإضافة، فلم يبق إلا الضمةُ.


(١) كذا في النسخ، وهو خطأ لعله من الناسخ، فالمعروف أن قبل وبعد تصغَّران، وعبارة ابن مالك في شرح التسهيل، ورقة ١٧٦، هي: ((ويستوجبان البناء على الضمّ إذا قطعا لفظا لا معنى، وذلك أن لهما مناسبة للحرف معنوية ولفظية، أما المعنوية فمن قبل أنهما لا يفهم تماما ما يراد بهما إلا بما يصحبهما. وأما اللفظية فمن قبل جمودها وكونهما لا يثنيان ولا يجمعان ولا ينعتان ولا يخبر عنهما، ولا ينسب إليهما ولا يضاف. ومقتضى هاتين المناسبتين أن يبينا على الإطلاق، لكنهما أشبها الأسماء المتمكنة بقبول التصغير والتعريف والتنكير ... )).

<<  <  ج: ص:  >  >>