ومما يبيِّنُ أن الغضبان قد يتكلَّم في الغضب بما لا يريده، ما رواه مسلم في "صحيحه" من حديث أبي الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "إنما أنا بشر، وإني اشترطْتُ (١) على ربي ﷿، أيُّ عبدٍ من المسلمين شتمتُه، أو سَبَبْتُه، أن يكون ذلك له زكاةً وأجرًا"(٢).
وفي "مسند الإمام أحمد" من حديث مسروق، عن عائشة قالت: دخل على النبيِّ ﷺ رجلان، فأغْلَظ لهما وسبَّهما (٣)، قالت: فقلتُ: يا رسول الله! لَمَنْ أصابَ منكَ خيرًا، [ما أصاب هذان منك خيرًا!](٤)، قالت: فقال: "أَو ما علمتِ ما عاهدتُ عليه ربِّي ﷿؟، قلتُ: اللهمَّ أيُّما مؤمنٍ سببتُه، أو جلدتُه، أو لعنتُه، فاجعلها له مغفرةً وعافية"(٥).
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة، أنه سمع النبيَّ ﷺ يقول:"اللهم أيُّما عبدٍ مؤمنٍ سببتُه، فاجعل ذلك قربةً إليك يوم القيامة"(٦).
(١) في الأصل: اشترط. والمثبت رواية مسلمٍ، وهي أولى. (٢) "صحيح مسلم" (٢٦٠٢). (٣) في الأصل: فأغلظا وسبَّهما. والمثبت رواية "المسند"، وهي أولى. (٤) زيادة من "المسند"، وهي لازمة. (٥) "المسند" (٦/ ٤٥). وإسناده صحيح. وأخرجه مسلم (٢٦٠٠) بنحوه. (٦) "صحيح البخاري" (٦٣٦١)، و"مسلم" (٢٦٠١).