*قال صاحب القرآن: عجبًا لكم أيها السماعاتية ولاستدلالكم! فلو أن المنكرين عليكم كرهوا حُسنَ الصوت وعابوه وذموه مطلقًا، لكان في ذلك احتجاجٌ (١) عليهم، كيف وهم أحبُّ (٢) الناس [١١٥ أ] في الصوت الحسن، لكن الشأن فيما يُؤدَّى بالصوت.
فهذه الآثار التي ذكرتموها وأكثر منها إنما تدل على استحباب تحسين الصوت بالقرآن، ومن نازع في هذا فالاستدلال بها على تحسين الصوت بالغناء الذي هو قرآن الشيطان ومادة النفاق ورقية الفواحش أفسدُ من قياس الربا على البيع، فإن بين الغناء والقرآن من التباين أعظمَ مما (٣) بين البيع والربا، ومما بين النكاح والسفاح، ومما بين الشراب الحلال والشراب الحرام. فأين سماع المكاء والتصدية الذي ذمه الله في كتابه، وأخبر أنه سماع المشركين، من (٤) سماع أنبيائه ورسله وأوليائه وحزبه المفلحين؟