للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

كَعْبٍ طَبِيبًا. فَقَطَعَ مِنْهُ عِرْقًا. ثُمَّ كَوَاهُ عَلَيهِ

ــ

كعب) بن قيس بن عبيد الأنصاري الخزرجي أبي المنذر المدني رضي الله عنه (طبيبًا) لم أو من ذكر اسمه (فقطع) ذلك الطبيب (منه) أي من أبي (عرقًا ثم كواه) أي كوى ذلك الطبيب أبيًا (عليه) أي على ذلك العرق، وفي هذا الكلام تقديم وتأخير، والتقدير بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بن كعب طبيبًا حين رمي أبي يوم الأحزاب على أكحله فرقأ الدم منه ثم كواه الطبيب عليه أي على أكحله فقطع منه أي من أبي عرقًا أي دم عرقه فبرأ، وفي الرواية الآتية إسقاط قوله (فقطع منه عرقًا) وهي أوضح وأصوب لأن الطبيب لم يقطع عرقه، ويحتمل أن يكون الكلام على حذف مضاف أي فقطع منه دم عرق أي أزال عنه بالغسل ثم كواه على فم العرق، والأكحل عرق معروف من المقاتل قال الخليل هو عرق الحياة يقال في كل عضو منه شعبة لها اسم على حدة فإذا قطع في اليد لم يرقإ الدم، وقيل إنه يقال له في اليد أكحل وفي الفخذ النسا وفي الظهر الأبهر اهـ من المفهم.

قال القرطبي: (وكونه صلى الله عليه وسلم بعث إلى أبي طبيبًا فكواه) دليل على أن الواجب في عمل العلاج أن لا يباشره إلَّا من كان معروفًا خبيرًا بمباشرته ولذلك أحال النبي صلى الله عليه وسلم على الحارث بن كلدة ووصف له النبي صلى الله عليه وسلم الدواء وكيفية العمل على ما يأتي (وكي النبي صلى الله عليه وسلم لأبي وسعد فيما سيأتي) دليل على جواز المكي والعمل به إذا ظن الإنسان منفعته ودعت الحاجة إليه فيحمل نهيه صلى الله عليه وسلم عن المكي على ما إذا أمكن أن يستغني عنه بغيره من الأدوية فمن فعله في محله وعلى شرطه لم يكن ذلك مكروهًا في حقه ولا منقصًا له من فضله ويجوز أن يكون من السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنّة بغير حساب رواه أحمد ومسلم من حديث عمران بن حصين، كيف لا وقد كوى النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ الَّذي اهتز له عرش الرحمن وأبي بن كعب المخصوص بأنه أقرأ الأمة للقرآن، وقد اكتوى عمران بن حصين فمن اعتقد أن هؤلاء لا يصلحون أن يكونوا من السبعين ألفًا ففساد كلامه لا يخفى وعلى هذا البحث فيكون قوله صلى الله عليه وسلم في السبعين ألفًا أنهم هم الذين لا يكتوون إنما يعني به الَّذي يكتوي وهو يجد عنه غنى والله أعلم اهـ من المفهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>