سبعٍ وثمانين على المشهور كما سيأتي بيانُ الخلاف فيه.
قال النوويُّ: (قولُه: "يَتكَفَّفُ الناسَ" معناه: يسألهم في كَفه أو بكفه، ووَقَعَ في بعض النُّسَخ:"يتطفَّف" بالطاء المهملة، وهو بمعنى (يَتكَفَّفُ) أي: يسأل النَّاسَ في كَفهِ الطفيفَ وهو القليلُ، وذكر ابنُ أبي حاتم في كتابه "الجَرْح والتعديل"(٨/ ٤٩٠)(١) وغيره: "يَتنطَّف"، ولعلَّه مأخوذٌ من قولهم: ما تَنَطَّفْتُ بهِ؛ أي: ما تَلَطَّخْتُ به) (٢).
قولُه:(زمن طاعون الجارِف) قال النووي: (والطاعون: وَباء معروف، وهو بُثَرٌ وورَمٌ مؤلم جدًّا، يخرج مع لهب ويَسْوَدُّ ما حوله أو يَخْضَرُّ أو يحمرُّ حمرةً بنفسجيَّةً كَدِرَةً، ويحصلُ معه خفقانُ القلبِ والقيء)(٣).
قال القاضي عياض:(وسُمِّي الجارفَ لكثرة مَنْ مات فيه من النَّاس، وسُمي الموتُ جارفًا لاجترافه النَّاس، وسُمِّي السَّيلُ جارفًا لاجترافِه ما على وجه الأرض، والجَرْفُ: الغَرْفُ مِنْ فوق الأرض، وكَسْحُ ما عليها)(٤).
وقال النووي: (وأمَّا زمنُه: فقد اختلفتْ فيه أقوالُ العلماء رحمهم الله تعالى اختلافًا شديدًا متباينًا تباينًا بعيدًا:
فمنْ ذلك: ما قاله الإمامُ الحافظُ أبو عُمر بن عبد البَرّ في أول "التمهيد"(١/ ٣٤١) قال: مات أيوبُ السَّخْتيانيُّ في سنة اثنتين وثلاثين ومائة في طاعون الجارف.
ونَقَلَ ابنُ قتيبة في "المعارف"(ص ٦١٠) عن الأصمعيّ: أن طاعون الجارف
(١) وفيه: (يَتَضَيَّفُ)، وكتب المحقق ما نصُّه: (صورته في ك: يتطيف، وفي م: يلطف، وفي "التهذيب": يتكلف، وهو الظاهر، لكن أثبتنا ما يقرب شكله ممّا في الأصلين مع أدائه أصل المعنى). (٢) "شرح صحيح مسلم" (١/ ١٠٥). (٣) "شرح صحيح مسلم" (١/ ١٠٥). (٤) "إكمال المعلم" (١٤٦).