«دَخَلَ عُيَينَةُ بنُ حِصنٍ عَلَى عُمَرَ ابنِ الخَطَّابِ، فَقَالَ: هِيْ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، فَوَاللَّهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ، وَلَا تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ، فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هَمَّ أَنْ يُوقِعَ بِهِ، فَقَالَ لَهُ الْحُرُّ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ صلى اللهُ عليه وسلم: {خُذِ الْعَفْوَ وَامُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِين} [الأعراف: ١٩٩]، وَإِنَّ هَذَا مِنَ الْجَاهِلِينَ، وَاللهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلَاهَا عَلَيْهِ، وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللهِ» (١).
قال الشافعي رحمه الله:
قَالُوا سَكَتَّ وَقَد خُوصِمْتَ قُلتُ لَهُم ... إِنَّ الجَوَابَ لِبَابِ الشَّرِّ مِفْتَاحُ
فَالعَفْوُ عَنْ جَاهِلٍ أَو أَحمَقٍ شَرَفٌ ... وَفِيهِ أَيْضًا لِصَونِ العِرْضِ إِصْلَاحُ
إِنَّ الأُسُودَ لَتُخْشَى وَهِيَ صَامِتَةٌ ... وَالكَلْبُ يُحْثَى (٢) وَيُرْمَى وَهُوَ نُبَاحُ
قَالَ تَعَالَى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِين (١٣٣) الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين (١٣٤)} [آل عمران: ١٣٣ - ١٣٤].
روى مسلم في صحيحه مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ» (٣).
(١) «صحيح البخاري» (برقم ٤٦٤٢).(٢) يُرمَى بالحصى.(٣) «صحيح مسلم» (برقم ٢٥٨٨).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute