تعالى عن نبي الله يحيى: {وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا (١٤)} [مريم: ١٤]، وقال تعالى عن نبي الله عيسى: {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (٣٢)} [مريم: ٣٢].
والأم لها أعظم الحقوق بعد حق الله ورسوله، قال تعالى:{وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ} وبيَّن العلة في ذلك حثًّا للأولاد على الاعتناء بهذه الوصية، {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ} أي ضعفاً على ضعف، ومشقة على مشقة في الحمل، وعند الولادة، ثم حضنه في حجرها وإرضاعه قبل فطامه، فقال تعالى:{وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِير}[لقمان: ١٤](١).
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى اللهُ عليه وسلم فقال: مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ:«أُمُّكَ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ:«ثُمَّ أُمُّكَ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ:«ثُمَّ أُمُّكَ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ:«ثُمَّ أَبُوكَ»(٢).
وروى النسائي وابن ماجه في سننهما من حديث معاوية ابن جاهمة رضي اللهُ عنه:«أَنَّ جَاهِمَةَ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي كُنتُ أَرَدْتُ الجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ وَالدَّارَ الآخِرَةَ، قَالَ: «وَيْحَكَ أَحَيَّةٌ أُمُّكَ؟ ! »، قلت: نعم، قال:«ارْجِعْ فَبِرَّهَا .. » وفي آخر الحديث قال: «وَيْحَكَ الزَمْ رِجْلَهَا فَثَمَّ الجَنَّةُ»(٣).
(١) خطب الشيخ ابن عثيمين (٥/ ٢٩٤). (٢) برقم ٥٩٧١ وصحيح مسلم برقم ٢٥٤٨. (٣) برقم ٣١٠٤ وسنن ابن ماجه برقم ٢٧٨١ واللفظ له وصححه الألباني رحمه الله في صحيح سنن النسائي (٢/ ٦٥١) برقم ٢٩٠٨.