ثم قال سبحانه:{فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاء بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} قال ابن عباس رضي اللهُ عنهما: «الدنيا قليل، فليضحكوا فيها ما شاؤوا، فإذا انقطعت الدنيا، وصاروا إلى الله عزَّ وجلَّ استأنفوا بكاء لا ينقطع أبداً»(٢).
ومن فوائد الآية الكريمة:
أولاً: أن المنافقين في كل عصر وزمان دَيدَنُهُم تثبيط المؤمنين عن الجهاد، وأداء الطاعات مهما كانت يسيرة، كما قال تعالى:{وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لَاّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ}[آل عمران: ١٦٧].
ثانياً: أن الله ذم المنافقين ليس بقعودهم عن الجهاد فقط، ولكن بفرحهم أيضاً بهذا التخلف، فإن الفرح بالمعصية أعظم من المعصية.
ثالثاً: أن الله قَدَّمَ الجهاد بالمال على الجهاد بالنفس في هذه الآية، وفي آيات أخرى، كما في قوله تعالى:{انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون}[التوبة: ٤١]. قال العلماء: وذلك لأهمية المال في دعم الجهاد، ولا يمكن أن يقوم الجهاد بدون مال.
(١) تفسير ابن كثير (٧/ ٢٥٢). (٢) المصدر السابق (٧/ ٢٥٥).