وما ينبغي تقديمه منها على غيره عند التعارض؛ ليتأكد القصد إليه، وتستمر (١) المحافظة عليه (٢).
الثالث: الأظهر أن يكون المراد بالأعمال هنا: البدنية دون القلبية؛ لأن من الأعمال القلبية ما هو أفضل من الصلاة وسائر العبادات، وهو الإيمان الذي لا يقاومه شيء على الإطلاق، وقد جاء مصرحا بذلك في الحديث، في رواية: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أي: الأعمال أفضل؟ فقال:«إيمان بالله»، قيل: ثم ماذا؟ قال:«الجهاد في سبيل الله»، قيل: ثم ماذا؟ قال:«حج مبرور»(٣)، فيؤخذ من هذا الحديث: أنه أريد به الأعمال مطلقًا؛ قلبية كانت، أو بدنية، وقد تقدم في حديث:«الأعمال بالنيات» الكلام على الأعمال، وهل يتناول أعمال القلوب، أو لا؟ على ما تقرر.
الرابع: ينبغي أن تعلم (٤) أن الأحاديث جاءت مختلفة في فضائل الأعمال، وتقديم بعضها على بعض، وأشبه ما أجيب به عن ذلك: أنها منزلة بحسب الأشخاص والأحوال، فيكون أفضلها في حق الشجاع الباسل مثلاً: الجهاد، وفي حق الجبان الفقير: بر الوالدين،
(١) في (ق): " «ولتستمر». (٢) انظر: شرح عمدة الأحكام لابن دقيق (١/ ١٣١). (٣) رواه البخاري (٢٦)، كتاب: الإيمان، باب: {فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَوَاةَ} [التوبة: ٥]، ومسلم (٨٣)، كتاب: الإيمان، باب: بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. (٤) في (ق): " «تعلم».