[ج - ابتناء مقاصد الشريعة على وصف الشريعة الإسلامية الأعظم وهو الفطرة]
قال الله تعالى:{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}(١). والمراد بالدين دين الإسلام لا محالة، لأن الخطاب لمحمد - صلى الله عليه وسلم -. فهو مأمور بإقامة وجهه للدين المرسل به.
ومعنى إقامة الوجه للدين: القصد إليه والجدّ فيه. والمراد بوجهه جميع ذاته، فخصّ الوجه بالذكر لأنّه جامع الحواس وآلات الإدراك، و {حَنِيفًا}: حال من {وَجْهَكَ}. والحنيف: المائل. والمراد هنا: الميل عن غير ذلك الدين من الشرك. قال تعالى:{حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ}(٢).
ودخل في هذا الخطاب جميعُ المسلمين باتفاق أهل التأويل.
وقوله:{فِطْرَتَ اللَّهِ} منصوب على البدل من {حَنِيفًا} المنصوب على الحال من "الدين". فقوله:{فِطْرَتَ} في معنى حال ثانية. فيكون المعنى: فأقم وجهك للدين الحنيف الفطرة. والمراد من الدين: مجموع ما يسمى بالدين من عقائد وأحكام.