عن يوم الفطر وهذا غلط، لقوله صلى الله عليه وسلم:"أغنوهم عن الطلب في هذا اليوم"، وقال صلى الله عليه وسلم:"ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات".
[باب الاختيار في صدقة التطوع]
قال: أخبرنا أنس بن عياض ... الخبر.
وهذا كما قال: جملة هذا أنه إذا كانت عليه نفقة واجبة [١٥٢ ب/٤] لنفسه أو عياله فلا يجوز له أن يتصدق حتى يقيم بذلك للخبر الذي ذكره وهو ما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى وليبدأ أحدكم بمن يعول"(١)، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"كفي بالمرء إثمًا أن يضيع من يعول"(٢)، وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله عندي دينار فقال له: "أنفقه على نفسه" فقال: عندي آخر، فقال:"أنفقه على ولدك" فقال: عندي آخر، فقال:"أنفقه على أهلك" فقال: عندي آخر، فقال:"أنفقه على خادمك" فقال: عندي آخر، فقال: أنت أعلم به" (٣)، وكذلك إذا كان عليه دين فإنه يلزمه أن يبدأ به لأنه ربما يتعذر قضاؤه فيصير مرتهنًا بدينه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا يقبل الله النوافل إلا بعد إحكام الفرائض". وله تأويلان:
أحدهما: لا يقبلها كاملة إلا بعد إحكام الفرائض، فإذا كملت الفرائض [٢٥٢ أ/٤] تقبل النوافل، ثم إذا أدى الواجبات يستحب له أن يتصدق بشيء من ماله تطوعًا، واختلف العلماء في قدر المستحب فقال قوم: جميع ماله كما فعل أبو بكر رضي الله عنه، وقال قوم: بنصفه كما فعل عمر رضي الله عنه، وقال قوم: بثلاثة كما فعل عبد الله بن عمر والذي عند أصحابنا: أنه يعتبر بحال المصدق فإن كان حسن اليقين قنوعًا لا يقنطه الفقر ولا يسأل عند الفقد فالأولى التصدق بجميع ماله كما فعل أبو بكر رضي الله عنه، قيل: لا يستحب ذلك ولا يكره، وإن كان بخلاف ذلك فليتصدق على حسب حاله ويكره له الزيادة، وروي في ذلك أخبارًا مختلفة منها ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليتصدق الرجل من ديناره وليتصدق من درهمه وليتصدق من صاع بره وليتصدق من صاع تمره" (٤)، وقال صلى الله عليه وسلم: "أيما مسلم كسا مسلمًا ثوبًا على عري كساه الله من خضر الجنة، وأيما مسلم أطعم مسلمًا على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة، وأيما رجل سقى مسلمًا على ظمأ [٢٥٢ ب/٤] سقاه الله من الرحيق المختوم" (٥)، وقال صلى الله عليه وسلم: "اتقوا النار ولو بشق تمرة"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أردد عنك مذمة السائل ولو بمثل رأس الظفر من الطعام"، وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يمنعكم
(١) أخرجه البخاري (١٤٢٦، ١٤٢٧)، ومسلم (٩٥/ ١٠٣٤). (٢) أخرجه أبو داود (١٦٩٢)، وأحمد (٢/ ١٦٠، ١٩٥)، والحميدي (٥٩٩)، والحاكم (١/ ١٤٥). (٣) أخرجه أحمد (٢/ ٢٥١،٤٧١)، وأبو داود (١٦٩١)، والنسائي (٢٥٣٥)، وابن حبان (٤٢١٩)، والحاكم (١/ ٤١٥). (٤) أخرجه مسلم (٦٩/ ١٠١٧). (٥) أخرجه أبو داود (١٦٨٢).