كذلك سفك الدم إن ذُبِحَتْ لله توحيد، وإن ذبحت لغيره صار شركا، كما قال تعالى:{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ} ١ والنسك: سفك الدم ٢.
كذلك التوكل من أنواع العبادة، إن توكلت على الله صار توحيدا، وإن توكلت على صاحب القبة صار شركا. قال تعالى:{فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} ٣.
وأكبر من ذلك كله: الدعاء، تفهمون أنه يُذْكَرُ ٤ أن الدعاء مخ العبادة؟ قالوا: نعم، قال الله تعالى:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} ٥ أنتم تفهمون أن هنا من يدعو الله ويدعو الزبير، ويدعو الله ويدعو عبد القادر، الذي يدعو الله وحده مخلصٌ، وإن دعا غيره صار مشركا. فهمتم هذا؟ قالوا: فهمنا.
قال الشيخ: هذا إن فهمتموه: فهذا الذي بيننا وبين الناس، فإن قالوا: هؤلاء يعبدون أصناما يدعونهم يريدون منهم، ونحن عبيد مذنبون وهم صالحون ونبغي بجاههم، فقل لهم: عيسى نبي الله -عليه السلام- وأمه صالحة، والعزير صالح، والملائكة كذلك، والذين يدعونهم أخبر الله عنهم أنهم ما أرادوا منهم ما أرادوا بجاههم إلا قربة وشفاعة، واقرأ عليه الآيات في الملائكة في قوله تعالى:{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ} ٦ الآية، وفي الأنبياء قوله:{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} ٧ الآية، وفي الصالحين:{قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ} ٨ الآية، ولم يفرق بينهم النبي صلى الله عليه وسلم.
[رسالة أخرى في كلمة التوحيد]
وله أيضًا -رحمه الله تعالى-:
اعلم -أرشدك الله- أن الله خلقك لعبادته، وأوجب عليك طاعته، ومن أفرض عبادته عليك: معرفة لا إله إلا الله علما وقولا وعملا، والجامع لذلك قوله تعالى:
١ سورة الأنعام آية: ١٦٢. ٢ أي: لأجل القربة كالأضحية، وفدية الإحرام، ومثلها النذر لله وحده. ٣ سورة هود آية: ١٢٣. ٤ أي يذكر في الحديث عن النبي (ص). ٥ سورة الجن آية: ١٨. ٦ سورة سبأ آية: ٤٠. ٧ سورة النساء آية: ١٧١. ٨ سورة الإسراء آية: ٥٦.