الإسلام ورد في آيات عدَّة قبل الهجرة كقوله تعالى:{وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى}[لقمان: ٢٢]، وقوله تعالى:{كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ}[النحل: ٨١]، وورد في روايات إسلام كثير من الصحابة كرواية إسلام أبي ذر وإسلام الطفيل بن عمرو الدوسي، بل ورد في دعوة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللهم أعزّ الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك أبي جهل أو بعمر بن الخطاب"(١).
وجاء مصطلح (حنيف) و (حنيفيهَ) في آيات عدَّة -كذلك- نزلت قبل الهجرة منها قوله تعالى:{ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[النحل: ١٢٣]، وقوله تعالى:{إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[الأنعام: ٧٩]، وقال الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إني لم أبعث باليهودية ولا بالنصرانية، ولكن بعثت بالحنيفية السمحة"(٢).
وأمَّا من الناحية العقليَّة؛ فإنَّ هذه المسميات والمصطلحات تدل -فيما تدل عليه- على تميُّز الأُمَّة الإسلاميَّة في منطلقاتها وغاياتها وأهدافها ووسائلها في عقيدتها وعبادتها، وأنها ليست على منهج المشركين ولا على منهج اليهود ولا منهج النصارى، وإنَّما كما قال تعالى: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٦١) قُلْ إِنَّ صَلَاتِي
(١) رواه الترمذي: الجامع الصحيح ٥/ ٥٧٦، ورقم الحديث [٣٦٨١]، تحقيق: كمال يوسف الحوت، (مرجع سابق)، وانظر: ابن هشام: السيرة النبوية ١/ ٣٦٩ - ٣٧٦، إسلام عمر بن الخطاب، (مرجع سابق)، وقد ورد في هذه القصة وتفاصيلها مسمى (الإسلام) ومشتقاته أكثر من ست مرات. (٢) رواه الإمام أحمد في مسنده ٥/ ٢٦٦، بتحقيق: دار التراث العربي: ٦/ ٣٥٧، ورقم الحديث [٢١٧٨٨]، (مرجع سابق).