وأمى؟ قال: أشعرت أن الله قد أذن لى فى الخروج والهجرة. فقال أبو بكر: الصحبة بأبى أنت يا رسول الله. قال: الصحبة. فبكى أبو بكر - فو الله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكى من الفرح حتى رأيت أبا بكر يبكى يومئذ - ثم قال: يا نبى الله إن هاتين راحلتاى. كنت أعددتهما لهذا، فخذ إحداهما. قال رسول الله ﷺ: بالثمن. قال أبو بكر: بالثمن. فأخذ النبى ﷺ إحداهما وهى القصواء - ويقال الجدعاء -
وخلّف النبى ﷺ عليّا بمكة يخرج إليه بأهله، وأمره أن يؤدى عنه الودائع التى كانت عنده للناس - وكان رسول الله ﷺ ليس أحد بمكة عنده شئ يخشى عليه إلا وضعه عنده؛ لما يعلم من صدقه وأمانته - وأمر عليّا أن يقضى عنه/ديونا ويلحق به (١).
واستأجر النبىّ ﷺ وأبو بكر عبد الله بن الأريقط - رجلا من بنى الدّيل بن بكر، وكان مشركا - يدلهما على الطريق، فأمناه ودفعا إليه راحلتيهما، وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال، فكانت الراحلتان عنده يرعاهما لميعادهما (٢).
فلما كان العتمة اجتمع على باب النبىّ ﷺ أبو جهل، والحكم بن أبى العاصى، وعقبة بن أبى معيط، والنّضر بن الحارث،
(١) سيرة النبى لابن هشام ٣٣٤:٢، ٣٣٥، وطبقات ابن سعد ٢٢٧:١، ٢٢٨، ودلائل النبوة ٢٠٧:٢، ٢٠٨، وتاريخ الإسلام ٢١٩:٢، ٢٢٠، والسيرة النبوية لابن كثير ٢٣٣:٢، ٢٣٤، وسبل الهدى والرشاد ٣٣٦:٣، ٣٣٧، والسيرة الحلبية ١٩٧:٢ - ١٩٩، وتاريخ الخميس ٣٢٢:١، ٣٢٣. (٢) تاريخ الإسلام ٢٢٠:٢، وتاريخ الخميس ٣٢٤:١.