وفهم عن البخاري: أنه نحا ناحيةَ (١) تعليقِ الطلاق قبل مِلْك العصمة، أو الحريةِ قبلَ ملكِ الرقبة.
والظاهرُ من قصد البخاري غيرُ هذا، وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حلف أن لا يحملَهم، فلما حملهم، وراجعوه في يمينه، قال:"مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ، وَلَكِنَّ اللهَ حَمَلَكُمْ"(٢)، فبين أن يمينه إنما انعقدت فيما يملِكُه، فلو حملَهم على ما يملكُه، لكفَّرَ، ولكنه (٣) حملَهم على مال الله، هذا مع قصده - عليه السلام - من الأول أنه (٤) لا يحملهم على ما لا (٥) يملِكُه بقرضٍ (٦) يتكلَّفُه، ونحوِ ذلك، بهذا لا يكون - عليه السلام - قد حَنِثَ في يمينه (٧).
وأما قولُه - عليه السلام - عَقيبَ ذلك:"لا أَحْلِفُ يَمِيناً، فَأَرَى غَيْرَها خَيْراً مِنْهَا"، فتأسيسُ قاعدةٍ مبتدأٌ، كأنه يقول: ولو كنتُ [حلفت] حلفاً (٨) يقتضي الحالُ الحنثَ فيها، لأَحْنَثْتُ نفسي، وكَفَّرْت عن يميني، وأما حلفُ الإنسان فيما لا يملكه؛ كقوله: واللهِ! لا وهبتك هذا الطعامَ، وهو (٩) لغيره، فملَكَه، فوهَبَه له، فإنه يحنَثُ، ولا يجري فيه الخلافُ الذي جرى (١٠) في
(١) في "ع": "نحا ناصية"، وفي "ج": "نحا ناحيته". (٢) رواه البخاري (٦٧١٨) عن أبي موسى رضي الله عنه. (٣) في "ج": "ولكن". (٤) في "ع": "لأنه". (٥) "لا" ليست في "ع" و"ج". (٦) في "ع": "بقراض". (٧) وانظر: "المتواري" لابن المنير (ص: ٢٢٧). (٨) "حلفاً" ليست في "ع" و"ج". (٩) في "ع": "ولو". (١٠) "جرى" ليست في "ع".