الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَبِي ذَرٍّ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ: "تَدْرِي أَيْنَ تَذْهَبُ؟ ". قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: "فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَسْتَأْذِنَ، فَيُؤْذَنَ لَهَا، وَيُوشِكُ أَنْ تَسْجُدَ فَلَا يُقْبَلَ مِنْهَا، وَتَسْتَأْذِنَ فَلَا يُؤْذَنَ لَهَا، يُقَالُ لَهَا: ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ، فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [يس: ٣٨].
(حتى تسجدَ تحت العرش، فتستأذنَ (١)): سجودُ الشمسِ أنكره قومٌ من أهل الغفلة اقتداءً بالملحدة؛ وسجودُها صحيحٌ ممكنٌ لا يُحيله العقلُ.
وقيل: هو عبارةٌ عن التذللِ والخضوع، واسئئذانُها إن كانت ممن يعقل، فعلى ظاهره، وإلا فَمِنَ الموكَّلين بها، أو يكون ذلك على لسان حالها.
قال ابن الجوزي: ربما أشكلَ هذا الحديث على بعض الناس من حيث أَنا نراها تغيب في الأرض، وقد أخبر القرآن أنها تغيب في (٢) عين حَمِئَة، فأين هي من العرش؟
والجواب: أن الأرضين السبعَ في ضرب المثال كقطبِ رحًى، والعرش لعظم ذاته بمثابة الرحى، فأينما سجدت الشمسُ، سجدت تحت (٣) العرش، وذلك مستقرُّها (٤).
(فلا يؤذَن لها): أي: في المسير إلى مطلعها.
(١) "فتستأذن" ليست في "ع".(٢) في "م": "من".(٣) "تحت" ليست في "ع".(٤) انظر: "التوضيح" (١٩/ ٣٨ - ٣٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute