في الطرف الشمالي الغربي من السور، من باب المعظم إلى نهر دجلة؛ ويحدق بها سور واحد به أبراج صغيرة ركبت عليها المدافع. وكانت هناك ثكنات ومخازن للذخيرة الحربية والمؤن العسكرية وكذلك الخزانة ودار سك النقود. أما السراى، التي يقيم بها الباشا، فكانت أسفل القلعة، وبها بساتين فسيحة وجواسق جميلة. وعلى الطرف الآخر من القنطرة كانت هناك قلعة تسمى قوشلر قلعه سى أو قلعة الطيور، ولها باب على القنطرة (أوليا جلبى، جـ ٤، ص ٤١٦؛ حاجى خليفة: جهاننما، ص ٤٥٧ - ٤٦٠؛ Tavernier ص ٦٤؛ : Thevenot Voyage جـ ٢ ص ٢١١). ويشير أوليا جلبى إلى مساجد بغداد الكثيرة ويتحدث عن تسعة مساجد هامة منها. أما المدارس فأكبرها مدرستان هما المَرْجانية ومدرسة الخلفاء (المستنصرية). وكان بين الخانات الكثيرة اثنان صالحان. ويتحدث عن ثماني كنائس وثلاثة معابد لليهود، ويورد أرقامًا مبالغًا فيها لعدد التكايا (٧٠٠) والحمامات (٥٠٠). وكان جسر القوارب من ٣٧ إلى ٤٠ قاربًا حسب ارتفاع مياه النهر، وفي الإمكان رفع بعض القوارب في الوسط إما لدواعى الأمن بالليل أو لتيسير حركة المرور بالنهر أولمجرد الاحتياط الذي تقتضيه الضرورة العسكرية. وكانت اللغات الكبرى التي يتحدث بها الناس في بغداد هي العربية والتركية والفارسية. وكان ببغداد أجود أنواع الحمام الزاجل.
ومهما يكن من شيء فإن بغداد كانت لا تزال تسير في طريق الاضمحلال، فقد بلغ عدد سكانها أقل رقم وصل إليه وهو ١٥.٠٠٠ نسمة (Travels: Tavernier، لندن سنة ص ٨٥ - ٨٦؛ أوليا جلبى: سياحت نامة، جـ ٤، ص ٤٢٠ وما بعدها؛ : voyage: Thevenot، جـ ٢، ص ٢١١).
وحكم بغداد ٤٢ باشا بين عامي ١٠٤٨ هـ (١٦٣٨ م) و ١١١٦ هـ (١٧٠٤ م) ولم يكن هناك مجال لأى تقدم حقيقى. ولقد تمتع الباشوات بشبه استقلال ذاتى، وكانت قوة الإنكشارية عظيمة. واشتد بأس القبائل وأصبح شيئًا فشيئًا يهدد الحياة في المدينة.