واستأنفت العمل بعض المدارس القديمة، وبخاصة مدارس النظامية والمستنصرية والبشيرية والتَتَشيَّة ومدرسة الأصحاب (انظر ابن بطوطَة، طبعة القاهرة سنة ١٩١٨، جـ ١، ص ١٤٠ - ١٤١؛ ابن الفوطى، ص ١٨٢، ٣٨٥، ٣٩٦؛ العزّاوى: تأريخ، جـ ١، ص ٣١٨) وأنشات زوجة الجويني مدرسة العصمتية لتعليم الفقه على المذاهب الأربعة ورباطا بالقرب منها (ابن الفوطى، ص ٣٧٧). وبعث الإيلخان تكُودار برسالة إلى بغداد يطلب فيها إعادة الهبات إلى المدارس والمساجد كما كانت الحال في عهد العباسيين، ولعلها رغبة منه أملتها التقوى (الكَرْملى: الفوز، ص ١٢). وأدت السياسة التي انتهجها الإيلخانية إلى شبوب فتن في وجه غير المسلمين، فقد أسبغوا حمايتهم على المسيحيين وأعفوهم من الجزية، وأعادوابناء الكنائس وفتحوا لهم المدارس. وأدى هذا إلى نشوب فتنة في وجههم عام ٦٦٥ هـ (١٢٦٣ م). وارتفع اليهود إلى مكان الصدارة في عهد أرغون (٦٨٣ - ٦٩٠ هـ = ١٢٨٤ - ١٢٩١ م) بفضل سعد الدولة اليهودى القائم على بيت المال، وهو الذي عين أخاه واليًا على بغداد. وفي عام ٦٩٠ هـ (١٢٩١ م) قُتل سعد الدولة وانقض العامة في بغداد على اليهود. وعانى غير المسلمين في عهد غازان من الالتزام بارتداء زى معين لتمييزهم ومن إعادة فرض ضريبة الرءوس عليهم وسلوك الغوغاء، فاعتنق كثير منهم الإسلام (انظر عمرو ابن متى: كتاب المَجْدَل، ص ١٢٠ - ١٢٢، ١٢٥؛ ابن الفوطى، ص ٣٥٤، ٤٦٥ - ٤٦٦، ٤٨٣؛ وصاف، جـ ٢، ص ٢٣٨، الكرملى: المصدر المذكور، ص ١٤ - ١٥؛ ٢١؛ العزاوى، جـ ١، ص ٣٤٩، ٥١٣). وأثار ألجايتو القلاقل عندما تذبذب بين مذهبى الشيعة والسنة. وحاول الإيلخانية أن يفرضوا "الجاو"(أوراق النقد) ولكنها كانت مكروهة جدًّا في بغداد فألغاها غازان آخر الأمر عام ٦٩٧ هـ (١٢٩٧ م؛ ابن الفوطى، ص ٤٧٧ و ٤٩٢).
ولدينا روايات ثلاثة من الجغرافيين عن هذه الفترة وهم: ابن عبد الحق (حوالي