للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عشرات الألوف من الناس قتلوا، ومن الواضح أنه استقى معلوماته من مصادر مغولية (Medie-: Bretschneidez val Researches، جـ ١، ص ١٣٨ - ١٣٩). ومن ثم يصعب تحديد أي رقم، ولكن الراجح أن عدد القتلى يتجاوز مائة ألف. وتخربت أحياء كثيرة بسبب الحصار أو السلب والنهب أو الحريق، ولم حرق مسجد الخلفاء وضريح الكاظميين (ابن الفوطى، ص ٣٢٧ - ٣٣٠؛ ابن العبرى، ص ٢٧). ومهما يكن من شيء فإن بغداد نجت من الدمار التام، ولعل الفتوى التي أكره العلماء على إصدارها بان كافرا عادلا خير من إمام ظالم قد ساعدت على النجاة من هذا الدمار التام. وقد أمر هولاكو قبل أن يغادر بغداد بإصلاح بعض المبانى العامة. فأعاد ناظر الوقف بناء جامع الخلفاء وعنى بإعادة فتح المدارس والرباطات (ابن العبرى ص ٤٧٥؛ ابن الفوطى، ص ٣٣٧). وعانت الثقافة كثيرًا ولكنها لم تقتلع من جذورها. وأصبحت بغداد حاضرة ولاية من جميع الوجوه.

وظلت بغداد حتى عام ٧٤٠ هـ (١٣٣٩ - ١٣٤٠ م) خاضعة لحكم الأيلخانية، يدير أمورها وال ومعه شحنة وحامية عسكرية (انظر ابن الفوطى، ص ٣٣١). وأحصى المغول سكان بغداد بالعشرات والمئات والآلاف لفرض الضرائب عليهم. وفرض على الجميع أداء ضريبة رءوس ما عدا المسنين والأطفال، وظلت هذه الضريبة تجبى نحو عامين (ابن الفوطى، ص ٣٣٩؛ انظر الجويني [ترجمة بويل Boyle]، جـ ١، ص ٣٤). وبدأت بغداد تنتعش شيئًا فشيئًا بعد أن عهد بإدارتها في الغالب للفرس؛ ويرجع الكثير من هذا الانتعاش إلى السياسة التي اتبعها عطاء ملك الجويني، وقد ظل واليا عليها فترة تقرب من ٢٣ عامًا (٦٥٧ هـ = ١٢٥٨ م -٦٨١ هـ = ١٢٨٢ م). وفي عهده أعيد بناء مئذنة جامع الخلفاء وسوق النظامية، ورممت مدرسة المستنصرية وأضيف إلى ذلك نظام مائى جديد (ابن الفوطى، ص ٣٧١). ورمم مسجد الشيخ معروف والقمرية (المصدر