وكما أن هذا التركيبَ يُفيد ما ذكرناه من الحَصْر، كذلك لفظ:«الأعمالُ بالنيَّة أو بالنيَّات» كما ورد في بعض ألفاظ الحديث الثابتة في الصحيح (١)، فإن «الألف واللام» تُفيد الاستغراق، وهو يستلزمُ الحصْر، وهكذا ورد في بعض ألفاظ الحديث:«لا عملَ إلا بنيةٍ»(٢)، وهي أيضًا من صِيَغ الحصر؛ بل هي أقواها.
والمراد ب «الأعمال» هنا: أفعالُ الجوارح حتى اللسان؛ فتدخُل [فيها] الأقوالُ، ومَن نازع في ذلك فقد أخطأ.
ثم لابد لقوله:«بالنيَّات» من تقديرِ متعلِّقٍ عام، لعدم ورودِ دليلٍ يدل على التعلُّق الخاص؛ فيُقدَّر:«الوجود، أو الكون، أو الاستقرار، أو الثبوت … »، أو ما يُفيد مفادَ ذلك، فيكونُ التقدير:«إنما وجودُ الأعمال وكونُها واستقرارُها أو ثبوتُها بالنيات؛ فلا وجودَ، أو لا كَوْن، أو لا استقرارَ، أو لا ثبوتَ لما لم يكن كذلك وهو ما ليس فيه»(٣).
نعم؛ لا يقال: إن تقديرَ «الثبوتِ والوجودِ والكون» ونحوها يستلزمُ عدمَ وجود الذات، أو عدمَ النيَّة، وقد وُجدت في الخارج!.
(١) راجع تخريج الحديث قريبًا. (٢) صحيح بشاهده: رواه الديلمي في «مسند الفردوس» (٤/ ٢٠٦) بسندٍ ضعيف، كما في «الصحيحة» (٢٤١٥)، وصحَّحه الشيخ الألباني بحديث: «إنما الأعمال بالنيات»، وتمامه: «لا أجْرَ إلَّا عن حِسبةٍ، ولا عمل … » إلخ. (٣) انظر: «جامع العلوم والحكم» (١/ ٦٣ ط: الرسالة شرح الحديث الأول).