قال: أبو عصام (يعني رَوَّاد بن الجَرَّاح)، قال يحيى: نعم رَوَّاد، نعم ذاك حدث عن سفيان، تخايل له سفيان، لم يحدثه سفيان بذا قط، إنما حدثه عن الزبير:"أتينا أنسا نشكو الحجاج ... "، وينبغي أن يكون إلى جانب سفيان: عن الربيع بن صُبَيْح، عن يزيد الرَّقَاشي، عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " (١).
ثم إن الحفظ في الصدر قريب التناول، يرتحل وينزل مع صاحبه حيث حَلَّ وارتحل، ولا يتهيأ ذلك في الكتاب دائما.
وقد كان الاعتماد في الصدر الأول على حفظ الصدر قبل انتشار الكتابة، واتساع الرواية، بل كان بعضهم ينهى عن الكتابة، وربما عيروا من اعتمد عليها، كما قال الأوزاعي: "كان هذا العلم كريما، يتلاقاه الرجال بينهم، فلما دخل في الكتب دخل فيه غير أهله" (٢).
ثم لما اتسعت الرواية وطالت الأسانيد، وانتشرت الكتابة، وذلك في نهاية القرن الأول وما بعده، صار الاعتماد على ضبط الكتاب، إلى جانب حفظ الصدر، كما قال ابن المبارك: "لولا الكتاب ما حفظنا" (٣)، وقال أيضا: "الحبر في الثوب خلوق العلماء" (٤)، حتى خشي بعض الأئمة أن يعتمد الطلبة على الكتاب ويدعو الحفظ، قال عبد الله بن