. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فِي الْعَامِلِ إذَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ فِي عَمَلِهِ أَنْ يَقْطَعَ يَدَهُ فَنَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ ذَاتَ يَوْمٍ حَتّى طَلَعَتْ الشّمْسُ فَجَاءَتْ مَعَهُ أُمّهُ وَهِيَ امْرَأَةٌ عَجُوزٌ فَتَضَرّعَتْ إلَيْهِ تَسْتَشْفِعُ لِابْنِهَا، فَأَبَى إلّا أَنْ يَقْطَعَ يَدَهُ فَقَالَتْ اضْرِبْ بِمِعْوَلِك الْيَوْمَ فَالْيَوْمُ لَك، وَغَدًا لِغَيْرِك، فَقَالَ وَيْحَك مَا قُلْت؟ فَقَالَتْ نَعَمْ كَمَا صَارَ هَذَا الْمُلْكُ مِنْ غَيْرِك إلَيْك، فَكَذَلِكَ يَصِيرُ مِنْك إلَى غَيْرِك، فَأَخَذَتْهُ مَوْعِظَتُهَا، وَأَعْفَى النّاسَ مِنْ الْعَمَلِ فِيهَا بَعْدُ. فَلَمّا هَلَكَ وَمُزّقَتْ الْحَبَشَةُ كُلّ مُمَزّقٍ وَأُقْفِرَ مَا حَوْلَ هَذِهِ الْكَنِيسَةِ فَلَمْ يَعْمُرْهَا أَحَدٌ، وَكَثُرَتْ حَوْلَهَا السّبَاعُ وَالْحَيّاتُ وَكَانَ كُلّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْهَا أَصَابَتْهُ الْجِنّ١، فَبَقِيَتْ مِنْ ذَلِكَ الْعَهْدِ بِمَا فِيهَا مِنْ الْعُدَدِ وَالْخَشَبِ الْمُرَصّعِ بِالذّهَبِ وَالْآلَاتِ الْمُفَضّضَةِ الّتِي تُسَاوِي قَنَاطِيرَ مِنْ الْمَالِ لَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا شَيْئًا إلَى زَمَنِ أَبِي الْعَبّاسِ فَذُكِرَ لَهُ أَمْرُهَا، وَمَا يُتَهَيّبُ مِنْ جِنّهَا وَحَيّاتِهَا، فَلَمْ يَرُعْهُ ذَلِكَ. وَبَعَثَ إلَيْهَا بِابْنِ الرّبِيعِ عَامِلِهِ عَلَى الْيَمَنِ مَعَهُ أَهْلُ الْحَزْمِ وَالْجَلَادَةِ٢ فَخَرّبَهَا، وَحَصَلُوا مِنْهَا مَالًا كَثِيرًا بِبَيْعِ مَا أَمْكَنَ بَيْعُهُ مِنْ رُخَامِهَا وَآلَاتِهَا، فَعَفَا بَعْدَ ذَلِكَ رَسْمُهَا، وَانْقَطَعَ خَبَرُهَا، وَدُرِسَتْ آثَارُهَا، وَكَانَ الّذِي يُصِيبُهُمْ مِنْ الْجِنّ يَنْسُبُونَهُ إلَى كُعَيْبٍ وَامْرَأَتِهِ صَنَمَيْنِ كَانَتْ الْكَنِيسَةُ عَلَيْهِمَا، فَلَمّا كُسِرَ كُعَيْبٌ وَامْرَأَتُهُ أُصِيبَ الّذِي كَسَرَهُ بِجُذَامِ فَافْتُتِنَ بِذَلِكَ رَعَاعُ الْيَمَنِ وَطَغَامُهُمْ٣ وَقَالُوا: أَصَابَهُ كُعَيْبٌ وَذَكَرَ أَبُو الْوَلِيدِ الْأَزْرَقِيّ أَنّ كُعَيْبًا كَانَ مِنْ خَشَبٍ طُولُهُ سِتّونَ ذِرَاعًا٤.
١ خرافة قولا وَاحِدًا.٢ الْقُوَّة مَعَ الصَّبْر على الْمَكْرُوه.٣ الطغام: الأوغاد من النَّاس وَاحِدَة: طغامة مثل سَحَابَة، والرعاع بِضَم الرَّاء وَفتحهَا مفردها: رعاعة، وَهُوَ من لَا قلب لَهُ وولا عقل.٤ كَيفَ إِذن يُصِيب هَذَا الْخشب النَّاس بِسوء؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute