: من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا: "فإن قيل المبشرون بالجنة معدودون بالعشرة، وبهذا يزاد عليهم، لأنه - صلى الله عليه وسلم - نص عليه أنه من أهل الجنة وأجيب بأن التنصيص على العدد لا ينافى الزيادة، وقد ورد أيضًا في حق كثير مثل ذلك، كما قال - صلى الله عليه وسلم - في الحسن والحسين وأزواجه"(١) وأهل بدر وأهل بيعة الرضوان وغيرهم.
* * *
- أما تفاوت الصحابة في درجات ذلك الفضل فقد تقدمت الإشارة إليه في كلام الصاوي، ويستند هذا التفاوت إلى الكثير من الآيات والأحاديث الدالة على ذلك منها قوله تعالى:{لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}[الحديد: ١٠]
يقول الإمام ابن جرير في معنى الآية الكريمة:"يقول تعالى ذكره: هؤلاء الذين أنفقوا في سبيل الله من قبل فتح الحديبية، وقاتلوا المشركين أعظم درجة في الجنة عند الله من الذين أنفقوا من بعد ذلك وقاتلوا". (٢)
وقال - عليه الصلاة والسلام - ناهيًا خالد بن الوليد - رضي الله عنه - في سبة سبها عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه -: (لا تسبوا أصحابي، فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبًا، ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه). (٣)
فعلم منه تقدم السابقين في الإسلام والهجرة على من بعدهم.
وقال - عليه الصلاة والسلام - في فضل الخلفاء الراشدين:(فعليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ)(٤).
(١) عمدة القارئ: (٨/ ٢٤٢). (٢) جامع البيان: (٢٧/ ٢٢١). (٣) سبق تخريجه. (٤) أخرجه الترمذي في سننه: كتاب العلم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باب ما جاء في الأخذ بالسنة، رقم الحديث: ٢٦٧٦، وقال الترمذي عنه: حديث صحيح: (٥/ ٤٣).