وكلامه يقتضى أن الهدى كان موجودًا عندهم ثم دفعوه وأخذوا الضلالة، وهو كذلك، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه، كمثل البهيمة تنتج البهيمة، هل ترى فيها جدعاء)(١)" (٢)
وهذا نموذج يدل على استدلال الصاوى بالحديث الصحيح وابتدائه بما يدل على ذلك.
ومن أمثلة استدلاله بالحديث الضعيف، ما ذكره في فضل سورة الإخلاص، حيث يقول: "قال - صلى الله عليه وسلم -: (من أراد أن ينام على فراشه فنام على يمينه ثم قرأ: سورة الصمد مائة مرة، فإذا كان يوم القيامة يقول له الرب عز وجل: يا عبدى أدخل بيمينك الجنة)(٣)" (٤)
وهذا الحديث ضعيف؛ لأن في رجاله حاتم بن ميمون الكلابى، فقد قال عنه ابن حجر: "ضعيف، من الثامنة" (٥)
كما يكثر استدلاله بالأخبار الإسرائيلية، والآثار الغريبة دون أن يذكر لها مرجعًا، ومن ذلك ما ذكره في أول سورة الأنعام بيانًا لفضلها، يقول: "ورد أنها فاتحة التوراة، وخاتمتها قبل آخر هود، وقبل آخر الإسراء" (٦).
وكان هذا الأثر من جملة الآثار الضعيفة، فقد أخرجه الطبري في تفسيره عن كعب بن الأحبار، وفى سنده: سفيان بن وكيع بن الجراح: ذكر علماء الجرح في ترجمته أنه كان صدوقًا، إلا أنه ابتلى بوراقة فأدخل عليه ما ليس من حديثه، فنصح فلم يقبل فسقط حديثه. (٧)
(١) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الجنائز - باب ما قيل في أولاد المشركين، رقم الحديث: ١٣٨٥. (٢) حاشية الصاوى: (١/ ١١). (٣) أخرجه الترمذي: كتاب فضائل القرآن - باب ما جاء في سورة الإخلاص: (٥/ ١٦٨)، رقم الحديث: ٢٨٩٨. (٤) الحاشية: (٤/ ٣٤٦). (٥) تقريب التهذيب: ٢٠٨، ترجمة رقم: ١٠٠٧. (٦) الحاشية: (٢/ ٢). (٧) تقريب التهذيب، لابن حجر: ٣٩٥، ترجمة رقم: ٢٤٦٩ وميزان الاعتدال: (٢/ ٣٦٣)، ترجمة رقم: ٣٣٣٤.