وكان من جملة مسالك قياس الأولى: الاستدلال بخلق السموات والأرض على إمكان البعث، ومستند هذه الدلالة كما تقدم هو الاستدلال على العظيم الممكن بوجود ما هو أعظم منه؛ مع تحقق وجوده على أرض الواقع، وهذا الاستدلال كما ذكر الصاوي استدلال بعين قدرة الباري تعالى، والتى ينسب إليها الإبداع؛ فإذا دخل ما هو أعظم مما يجحده الكافرون في إمكانها مع إقرارهم بذلك؛ فمن باب أولى أن تدخل إعادتهم يوم البعث في مقدورها، مع وجود المقتضى لذلك من إحقاق الجزاء العادل الذي توجبه حكمة المولى تعالى، وانتفاء الموانع لتمام قدرة الرب تبارك وتعالى كما تقدم.
ومما ورد في ذلك، قوله تعالى:{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لَا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا}[الإسراء: ٩٩].
يقول شيخ الإسلام مبينًا أهمية هذا المسلك لتحقق البعث: "فإنه من المعلوم ببداهة العقول أن خلق السموات والأرض أعظم من خلق أمثال بنى آدم والقدرة عليه أبلغ، وأن هذا الأيسر أولى بالإمكان والقدرة من ذلك" (٢).
- أما قياس الغائب على الشاهد في الاستدلال على البعث فهو على ضربين: