فالحاصِلُ: أن قول المفَسِّر: [لِيُسْتَنَّ بِكَ] خطَأ، ولكن "استَغفِرْ لذَنْبك" لأن لك ذنبًا لكنه مَغفور، ومن أَسباب مَغفِرة ذَنْبك أن تَستَغفِر، فالاستِغْفار من أسباب المَغفِرة، والطاعات من أَسباب المَغفِرة، تَغلِب الطاعات على المَعاصِي وغير ذلك.
قوله:{وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ}{وَسَبِّحْ} يَقول: المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [صَلِّ] ولا شَكَّ أن الصلاة تُسمَّى تَسبيحًا، ومنه حديثُ: صلَّى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في بَيْته سُبْحة الضُّحى (١). ومنه قولُ ابنِ عُمرَ:"لَوْ كُنْتُ مُسَبِّحًا لَأَتْمَمْتُ"(٢) يَعنِي: مُصلِّيًا نافِلًا لَأَتَمَمْت. فلا شَكَّ أن الصلاة تُسمَّى تَسبيحًا.
ومن الأدِلَّة على ذلك سابِقًا ما ذُكِر - لكِن أخَّرْناه تَرتيبًا أو نِسيانًا - قولُه عَزَّ وَجَلَّ: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ} [الروم: ١٧ - ١٨] حيث قال بعضُ العُلَماء: إن هذه إشارةٌ إلى أَوْقات الصلَوات الخَمْس. لكن هل يَتَعيَّن أن يَكون التَّسبيح في كل مَكان بمَعنَى الصلاة؟ لا؛ ولهذا نرَى أن قوله تعالى هنا:{وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} أَشمَلُ وأَعمُّ من إرادة الصلاة، يَقول:{وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} أي: تَسبيحًا مَقرونًا بالحَمْد، فالتَّسبيح زوال الصِّفات التي لا تَليق بالله، وفي الحمد إثبات صِفات الكَمال لله، فيَكون {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} جامِعًا بين التَّنزيه والإِثْبات، تَنزيه الله عمَّا لا يَليق به، وإثبات ما هو أَهله سُبحَانَهُ وَتَعَالى من الكَمال في صِفاته وأَفْعاله {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ} العَشيِّ ما بعد الزَّوال، ومنه حديثُ أبي هُرَيْرةَ في قِصَّة ذي اليَدَيْن:
(١) أخرجه مسلم: كتاب الحيض، باب تستر المغتسل بثوب، رقم (٣٣٦)، من حديث أم هانئ بنت أبي طالب - رضي الله عنها -. (٢) أخرجه مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، صلاة المسافرين وقصرها، رقم (٦٨٩).