هو: النَّجاةُ من المَرْهوب وحُصول المَطلوب، والدليل ما سمِعْتم.
وقوله:{الْعَظِيمُ} وَصْف له بالعَظَمة، لأنه لا فوزَ أعظَمُ من هذا، لا فوزَ أعظَمُ من أن يَمُنَّ الله عليك بسُكْنى هذه الدارِ - جعَلَني الله وإيَّاكم من ساكنيها - التي فيها ما لا عَيْنٌ رأَت ولا أُذُنٌ سمِعَت ولا خطَرَ على قَلْب بشَرٍ، كل الناس في الدُّنيا - المُؤمِنون - يَسْعون للوُصول إلى هذه الدارِ، ولهذا لمَّا قال الأَعرابيُّ للنبَّيِّ - صلى الله عليه وسلم -: يا رَسول الله، أنا لا أُحسِنُ دَنْدَنَتَكَ ولا دَنْدنةَ مُعاذٍ، ولكِنِّي أَسأَل الله الجَنّةَ، وأَستَعيذُ به من النار فقال:"حَوْلهَمَا نُدَنْدِنُ"(١)، نحن لا نُريد إلَّا هذا، وهذا الحَديثُ وإن كان في صِحَّته ما فيه، لكن حَقيقة هو هذا، كل المُؤمنين يَعمَلون للوصول إلى هذه الدارِ، وهو - أي: العَمَل لها - يَسير، لكن على مَن يَسَّرَه الله عليه، ومتى يُيَسِّر الله عليك ذلك؛ اسمَعْ إلى قول الله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى}، الجوابُ:{فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى}[الليل: ٥ - ٧]، اعمَلْ أنت كما قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ"(٢).
من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:
الْفَائِدَةُ الأُولَى: أن المَلائِكة الذين يَحمِلون العَرْش ومَن حولَه يَسأَلون الله تعالى أن يَقِيَ الذين آمَنوا السَّيِّئاتِ، أي: عذابها حتَّى يَتِمَّ لهم المَطلوب.
(١) أخرجه الإمام أحمد (٣/ ٤٧٤)، وأبو داود: كتاب الصلاة، باب في تخفيف الصلاة، رقم (٧٩٢)، من حديث بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. وأخرجه ابن ماجه: كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، رقم (٤٤٦)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. (٢) أخرجه البخاري: كتاب التفسير، باب قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى}، رقم (٤٩٤٥)، وأخرجه مسلم: كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه، رقم (٢٦٤٧)، من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.