ودافَعَ عنه، وحُوصِر معه في الشِّعْب؛ فلِذلِك قبِل الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى شَفاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيه أن يُخفَّف عنه.
أمَّا شَفاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في أُمِّه فمَنَعه الله في أُمِّه (٢)، وهي أَقرَبُ من عمِّه، لمَّا استَأْذَن الله أن يَستَغفِر لها قال: لا. ولمَّا استَأْذَنه أن يَزور قَبْرها أذِنَ له فزار النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قَبْر أُمِّه، ووقَفَ عليه وجعَل يَبكِي، لكن لا يَدعو لها، وأَبكَى مَن معَه.
فالكُفَّار لا تَنفَع فيهم الشَّفاعة؛ لأن الشَّفاعة مَضيَعة بلا فائِدةٍ، ثُم هي لم يُؤذَن فيها من قِبَل الله، ولا يُمكِن أبدًا شَفاعة بدون إِذْن الله.
قال تعالى:{وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ}[الرعد: ١٤]{وَمَا دُعَاءُ}(ما) نافِية، و {دُعَاءُ} اسمُها، و (ما) هنا ليسَتْ حِجازيةً؛ لاتِّفاق اللُّغَتَين لُغة التَّميميِّين ولُغة الحِجازِيِّين فيها، وأنها لا تَعمَل في هذا الحالِ.
قوله:{وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ}؛ أي: وما طلَبُ الكافِرين {إِلَّا فِي ضَلَالٍ}؛ أي: في ضَياع، وقول المفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ:[انعِدام] فيه نظَر، فالضَّلال الضَّياع وعدَم الاهتِداء، فـ {مَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ}، فلا تُقبَل دعوة الكافِر أبَدًا إلَّا في حالَيْن:
(١) انظر: سيرة ابن هشام (١/ ٢٨٥)، وديوان أبي طالب (ص: ٨٤). (٢) أخرجه مسلم: كتاب الجنائز، باب استئذان النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه عَزَّ وَجَلَّ في زيارة قبر أمه، رقم (٩٧٦)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.