ومما يخافه العارفون فوات الرضا عنهم، وإن وجد العفو وترك العقوبة [فإن](١) الرضا أَحَبّ إليهم من نعيم الجنة كله مع الإعراض وعدم التقريب والزلفى.
وقد قال سبحانه وتعالى:{وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ}[التوبة: ٧٢] يعني: أكبر من نعيم الجنة.
وفي الصحيح (٢) عن النبي صلّى الله عليه وسلم [قال](١): "إن الله يقول لأهل الجنة: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ قالوا: وما أفضل من ذلك؟! قال: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدًا".
وكان مطرف يقول:"اللهم ارض عنا؛ فإن لم ترض عنا فاعف عنا".
ورئي بعضهم في المنام فسئل عن حاله فَقَالَ:"غفر لي وأعرض عني وعن جماعة من أهل العِلْم لم يعملوا بعلمهم".
فالمحبون العارفون يخافون من مثل هذه الحال، وإنَّما يسألون الرضا من أول الأمر.
قال الفضيل: "من سأل الله رضوانه فقد سأله عظيمًا. وقال: لو أخبرت عن جبريل [وميكائيل](٣) وإسرافيل بشدة (اجتهاد)(٤) ما عجبت، وكان ذلك قليلاً عند ما يطلبون (أتدري)(٥) أي شيء يطلبون؟ وأي شيء يريدون؟
(*) هذا العنوان ليس في الأصل وهو من تصرف محقق المطبوع. (١) من المطبوع. (٢) أخرجه البخاري (٦٥٤٩)، ومسلم (٢٨٢٩). (٣) من المطبوع. (٤) في المطبوع: "اجتهادهم". (٥) في المطبوع: "أتدرون".