قوله تعالى:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}[المائدة: ٦]، أي:" أي ولم تجدوا الماء بعد طلبه فاقصدوا التراب الطاهر للتيمم به"(١).
و«التيمم»، في اللغة هو: "القصد. تقول العرب: تيممك الله بحفظه، أي: قصدك. ومنه قول امرئ القيس (٢):
وَلَمَّا رَأتْ أنَّ المَنِية ورِدُها ... وأن الحصَى من تحت أقدامها دَامِ
تيممت العين التي عند ضارج (٣) ... يفيء عليها الفيء عَرْمَضها طام (٤)
وفي الصعيد أربعة أقاويل:
أحدها: أنها الأرض الملساء التي لا نبات فيها ولا غِراس، وهو قول قتادة (٥).
والثاني: أنها الأرض المستوية، وهو قول ابن زيد (٦).
والثالث: هو التراب، وهو قول عليّ، وابن مسعود، وعمرو بن قيس الملائي (٧)، والشافعي، وأحمد بن حنبل وأصحابهما (٨).
واحتجوا بقوله تعالى:{فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا}[الكهف: ٤٠] أي: ترابا أملس طيبا، وبما ثبت في صحيح مسلم، عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت لنا الأرض كلها مسجدًا، وجعلت تربتها
(١) صفوة التفاسير: ٣٠٣. (٢) رواية البيتين في ديوانه ص ٤٧٥: ولما رأت أن الشريعة همها ... وأن البياض من فرائصها دام تيممت العين التي عند ضارج ... يفيء عليها الطلح عرمضها طام وهما في لسان العرب (ضرج، عرمض) ومقاييس اللغة ٣/ ٢٦٢ و ٤/ ٤٣٥ وتاج العروس (ضرج). (٣) ضارج: اسم موضع في بلاد بنى عبس. والعرمض: الطحلب. وقيل: الخضرة على الماء، والطحلب: الذي يكون كأنه نسخ العنكبوت. وطامي: مرتفع .. (٤) انظر: تفسير ابن كثير: ٢/ ٣١٨. (٥) انظر: تفسير الطبري (٩٦٤٤): ص ٨/ ٤٠٨. (٦) انظر: تفسير الطبري (٩٦٤٥): ص ٨/ ٤٠٨. (٧) انظر: تفسير الطبري (٩٦٤٦): ص ٨/ ٤٠٨. (٨) انظر: تفسير ابن كثير: ٢/ ٣١٨.