قال الطبري: "و (الألية): الحلف، يقال: آلى فلان يُؤْلي إيلاء وأليَّة، كما قال الشاعر (١):
كَفَيْنَا مَنْ تَغَيَّبَ في تُرَابٍ ... وَأَحْنَثْنَا أَليَّةَ مُقْسِمِينَا
ويقال: "أَلْوة وأُلْوة "، كما قال الراجز (٢):
يَا أُلْوَةٌ مَا أُلْوَةٌ مَا أُلْوَتِي
وقد حكي عنهم أيضًا أنهم يقولون: (إلوة) مكسورة الألف" (٣).
ومنه قوله تعالى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ} [النور: ٢٢]، وقال الشاعر (٤):
فآليت لا أنفك أحدو قصيدة ... تكون وإياها بها مثلا بعدي
وقال آخر (٥):
قليل الألايا حافظ ليمينه ... وإن سبقت منه الألية برت
وقال ابن دريد (٦):
ألية باليعملات يرتمي ... بها النجاء بين أجواز الفلا
و{مِن}: قيل إنها بمعنى (عن)؛ يعني يحلفون عن وطء نسائهم؛ وقيل: إنها على بابها؛ فهي مبينة لموضع الإيلاء - يعني: الحلف -؛ و {نسائهم} أي زوجاتهم (٧).
وقرأ عبد اللَّه: {للذين آلوا من نسائهم}، يقال: آلَى يُؤْلِي إِيلَاءً، وَتَأَلَّى تَأَلِّيًا، وَائْتَلَى ائْتِلَاءً، أي: حلف، ومنه: {وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ} [النور: ٢٢].
وقرأ أبيّ وابن عباس: {يقسمون من نسائهم} " (٨).
قال القرطبي: "ومعلوم أن يقسمون، تفسير يؤلون" (٩).
قوله تعالى: {تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: ٢٢٦]، أي "انتظار أربعة أشهر" (١٠).
قال البغوي: "والتربص: التثبت والتوقف" (١١)، ومنه قوله تعالى {قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ} [الطور: ٣١]، أي انتظروا.
قال ابن عثيمين: " (والتربص) شبيه بـ (الصبر) لموافقته إياه في الحروف - وإن خالفه في الترتيب -؛ و (الصبر) بمعنى حبس النفس، وانتظارها؛ {أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} أي مدة أربعة أشهر؛ فينتظرون لمدة أربعة أشهر ابتداءً من إيلائهم" (١٢).
(١) البيت من شواهد الطبري: ٤/ ٤٥٦. ولم أجد قائله.
(٢) البيت من شواهد الطبري: ٤/ ٤٥٦. ولم أتعرف على قائله.
(٣) تفسير الطبري: ٤/ ٤٥٦.
(٤) انظر: تفسير ابن عثيمين: ٣/ ٩٥.
(٥) البيت لكثير، وهو في ديوانه: ٨٥، وفيه: فإن سبقت، بدل: وإن صدرت، قوله: الاليّة: أي: اليمين، وجمعها: ألايا، انظر: تاج العروس (ألا).
(٦) شرح مقصورة ابن دريد للتبريزي: ٨٢، وقال في شرحه: أية باليعملات: أي: قسما باليعملات.
(٧) انظر: والكشاف: ١/ ٢٦٨، ومفاتيح الغيب: ٦/ ٤٢٩. ونسبها هو والرازي لابن مسعود-رضي الله عنه-، وذكر ابن خالوية في القراءات الشاذة: ١٣، قراءة ابن مسعود: اللائي ألُوا.
(٨) انظر: المحرر الوجيز: ١/ ٣٠٢، والقراءات الشاذة لابن خالوي: ١٣، والإشراف لابن المنذر: ٤/ ٢٢٦، والكشاف: ١/ ٢٦٨، ومفاتيح الغيب: ٦/ ٤٢٩، وتفسير القرطبي: ٣/ ١٠٢.
(٩) تفسير القرطبي: ٣/ ١٠٢.
(١٠) تفسير البغوي: ١/ ٢٦٥.
(١١) تفسير البغوي: ١/ ٢٦٥.
(١٢) تفسير ابن عثيمين: ٣/ ٩٥.