وقد اختلف أهل العلم في تفسير {البر} الذي عناه الله تعالى في الآية على قولين (١):
أحدهما: أنه فعل الخير كله.
والثاني: أنه البر بذي رحمه.
والراجح هو القول الأول، وذلك " أن أفعال الخير كلها من (البر)، ولم يخصص الله في قوله: {أن تبرُّوا} معنى دون معنى من معاني (البر)، فهو على عمومه، والبر بذوي القرابة أحد معاني (البر) " (٢). والله تعالى أعلم.
وقوله تعالى: {وَتَتَّقُوا} [البقرة: ٢٢٤]، أي " أن تتقوا ربكم فتحذروه وتحذروا عقابه في فرائضه وحدوده أن تضيعوها أو تتعدَّوْها" (٣).
قال ابن عباس: " كان الرجل يحلف على الشيء من البر والتقوى لا يفعله، فنهى الله عز وجل عن ذلك فقال: " ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس " الآية. قال: ويقال: لا يتق بعضكم بعضًا بي، تحلفون بي وأنتم كاذبون، ليصدقكم الناس وتصلحون بينهم، فذلك قوله: " أن تبروا وتتقوا "، الآية" (٤).
واختلف في اعراب موضع {أَنْ تَبَرُّوا} [البقرة: ٢٢٤]، على ثلاثة أوجه:
الوجه الاول: موضع {أن} النصب، ويكون على ثلاث تقديرات:
الأول: (في أن تبرّوا) ثم حذف (في) فتعدّى الفعل. قاله الزجاج (٥)، والنحاس (٦).
والثاني: (كراهية أن تبروا)، ثم حذفت، ذكره النحاس (٧) والمهدوي (٨).
والثالث: (لئلا تبرّوا). ذكره النحاس (٩).
الوجه الثاني: الخفض، وذلك على قول الخليل والكسائي، التقدير: في أن تبروا، فأضمرت (في) وخفضت بها. ذكره النحاس (١٠).
والثالث: الرفع بالابتداء وحذفت الخبر. والتقدير أن تبرّوا وتتقوا وتصلحوا بين الناس أولى أو أمثل مثل طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ [محمد: ٢١]. ذكره النحاس (١١).
قال الزجاج: " والنصب في (أن) في هذا الموضع، هو الاختيار عند جميع النحويين" (١٢).
قوله تعالى: {وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: ٢٢٤]، " أي والله سميع لأقوالكم عليم بأحوالكم" (١٣).
قال البيضاوي: " {وَاللَّهُ سَمِيعٌ} لأيمانكم. {عَلِيمٌ} بنياتكم" (١٤).
قال القرطبي: {سميع} أي لأقوال العباد، {عليم} بنياتهم" (١٥).
(١) تفسير الطبري: ٤/ ٤٢٥.
(٢) تفسير الطبري: ٤/ ٤٢٥.
(٣) تفسير الطبري: ٤، ٤٢٥ - ٤٢٦.
(٤) تفسير الطبري (٤٣٧٢): ص ٤/ ٤٢٦.
(٥) معاني القرآن: ١/ ٢٩٨.
(٦) انظر: معاني القرآن: ١/ ١٨٧.
(٧) انظر: معاني القرآن: ١/ ١٨٧.
(٨) انظر: تفسير القرطبي: ٣/ ٩٨.
(٩) انظر: معاني القرآن: ١/ ١٨٧.
(١٠) انظر: معاني القرآن: ١/ ١٨٧.
(١١) انظر: معاني القرآن: ١/ ١٨٧.
(١٢) معاني القرآن: ١/ ٢٩٩.
(١٣) صفوة التفاسير: ١/ ١٢٨.
(١٤) تفسير البيضاوي: ١/ ١٤٠.
(١٥) تفسير القرطبي: ٣/ ٩٩.