بقولها:"الله ورسوله أعلم" قولٌ أخرجه النظر إلى إمكان خرق العادة، ورجاء بركة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كالذي كان. انتهى (١).
(قَالَ: فَانْطَلَقَ أَبُو طَلْحَةَ، حَتَّى لَقِيَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -)، وفي رواية مبارك بن فَضالة:"فاستقبله أبو طلحة، فقال: يا رسول الله ما عندنا إلا قُرص عملته أم سليم"، وفي رواية سعد بن سعيد:"فقال أبو طلحة: إنما صنعت لك شيئًا"، ونحوه في رواية ابن سيرين، وفي رواية عمرو بن عبد الله:"فقال أبو طلحة: إنما هو قرص، فقال: إن الله سيبارك فيه"، ونحوه في رواية عمرو بن يحيى المازنيّ، وفي رواية يعقوب:"فقال أبو طلحة: يا رسول الله، إنما أرسلت أنسًا يدعوك وحدك، ولم يكن عندنا ما يُشبع من أرى، فقال: ادخل، فإن الله سيبارك فيما عندك"، وفي رواية النضر بن أنس، عن أبيه:"فدخلت على أم سليم، وأنا مندهش"، وفي رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى:"أن أبا طلحة قال: يا أنس فَضَحْتَنا"، وللطبرانيّ في "الأوسط": "فجعل يرميني بالحجارة"(٢).
(فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَهُ، حَتَّى دَخَلَا) بيت أم سليم، (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "هَلُمِّى مَا عِنْدَكِ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ") معنى "هَلُمّي"؛ أي: أحضري، قال في "الفتح": كذا لأبي ذرّ عن الكشميهنيّ، ولغيره:"هَلُمَّ"، وهي لغة حجازية، "هَلُمّ" عندهم لا يؤنث، ولا يُثنى، ولا يُجمع"، ومنه قوله تعالى:{وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا}[الأحزاب: ١٨]، والمراد بذلك: طَلَبُ ما عندها. انتهى (٣).
[فائدة]: قال الفيّوميّ - رحمه الله -: "هَلُمَّ": كلمةٌ بمعنى الدعاء إلى الشيء، كما يقال: تعال، قال الخليل: أصله: لُمَّ من الضمِّ، والجمعِ، ومنه: لمّ الله شَعَثَهُ، وكأن المنادى أراد: لُمَّ نفسَك إلينا، و"هَا" للتّنبيه، وحذفت الألف؛ تخفيفًا؛ لكثرة الاستعمال، وجُعلا اسمًا واحدًا، وقيل: أصلها: "هَلْ أُمَّ"؛ أي: قُصِد، فنُقلت حركة الهمزة إلى اللام، وسقطت، ثم جُعلا كلمة واحدة للدعاء.
(١) "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" ٥/ ٣١١. (٢) "الفتح" ٨/ ٢٣٧ - ٢٣٨، كتاب "المناقب" رقم (٣٥٧٨). (٣) "الفتح" ٨/ ٢٣٧ - ٢٣٨، كتاب "المناقب" رقم (٣٥٧٨).