المؤمن لا يقع ذلك منه بعد النهي غالبًا إلا نسيانًا. انتهى (١).
وقال النوويّ: الأمر بالاستقاء محمول على الاستحباب، فيستحب لمن يشرب قائمًا أن يستقيء؛ لهذا الحديث الصحيح، فإن الأمر إذا تعذّر حَمْله على الوجوب يُحمل على الاستحباب. انتهى (٢).
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف - رحمه الله -.
[تنبيه]: إن قلت: كيف أخرج مسلم رواية عمر بن حمزة، وهو ضعيف؟.
[قلت]: إنما أخرج له لكونه لم ينفرد بها، بل تابعه الأعمش، عن أبي صالح، عند عبد الرزّاق في "مصنّفه"(١٠/ ٤٢٧)، وأحمد في "مسنده"(٢/ ٢٨٣)، وابن حبّان في "صحيحه"(١٢/ ١٤٢)، (والبيهقيّ) في "الكبرى"(٧/ ٢٨٢)، ولفظ "المسند":
(٧٧٩٥) - حدثنا عبد الله، حدّثني أبي، ثنا عبد الرزاق، ثنا معمر، عن الزهريّ، عن رجل، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو يعلم الذي يشرب، وهو قائم، ما في بطنه لاستقاءه".
(٧٧٩٦) - حدثنا عبد الله، حدّثني أبي، ثنا عبد الرزاق، ثنا معمر، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كمثل حديث الزهريّ. انتهى (٣).
[فإن قلت]: لماذا أخرج رواية عمر، دون رواية الأعمش؟.
[قلت]: لعله لكون رواية عمر مسموعة له، دون رواية الأعمش؛ إذ يحتمل أن تكون إجازةً، أو نحوه، والله تعالى أعلم.
ثم إن هذا كلّه بالنسبة لزيادة:"فمن نَسِيَ فليستقئ"، وأما أصل الحديث، فهو صحيح لا كلام فيه، وقد أخرجه مسلم قبل هذا بأسانيد صحيحة، فتنبّه، والله تعالى أعلم.
(١) "نيل الأوطار" ٩/ ٨٢. (٢) "شرح النوويّ" ١٣/ ١٩٦. (٣) "مسند الإمام أحمد بن حنبل" ٢/ ٢٨٣.