قال في "الفتح": وقول عروة لهذا بالمعنى الأخصّ؛ لكونها خالته، وبالمعنى الأعمّ؛ لكونها أم المؤمنين. انتهى (١).
(أَلَا تَسْمَعِينَ مَا يَقُولُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ)"ما" هنا اسم موصول مفعول به لـ"تسمعين"(قَالَتْ: وَمَا يَقُولُ) و"ما" هنا استفهاميّة؛ أي: أيّ شيء يقوله (قُلْتُ: يَقُولُ اعْتَمَرَ النَّبِي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي رَجَبٍ، فَقَالَتْ: يَغْفِرُ اللهُ لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ) وفي الرواية التالية: "يرحم الله أبا عبد الرحمن"، هو عبد الله بن عمر، ذكرته بكثيته؛ تعظيمًا له، ودعت له إشارة إلى أنه نسي (٢). (لَعَمْرِي) قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هذا دليلٌ على جواز قول الإنسان: لعمري، وكرهه مالك؛ لأنه من تعظيم غير الله تعالى، ومضاهاته بالحلف بغيره. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن مثل هذا لا يُراد به الحلف، وإنما هو كقولهم: ما له تربت يداه، وعقرى حلقي، وأما لوأريد به الحلف فلا يجوز؛ لأنه حلف بغير الله تعالى، فافهم، والله تعالى أعلم.
(مَا) نافية (اعْتَمَرَ)؛ أي رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فِي رَجَبٍ)؛ أي لَمْ يعتمر النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في شهر رجب أصلًا (وَمَا) نافية أيضًا (اعْتَمَرَ مِنْ عُمْرَةٍ)"من" زائدة، كما قال في "الخلاصة":
(إِلَّا وَإِنَّهُ)؛ أي ابن عمر (لَمَعَهُ)؛ أي مع النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهذا قالته مبالغة في نسبته إلى النسيان، ولم تُنكر عائشة - رضي الله عنها - على ابن عمر إلَّا قوله: إحداهنّ في رجب (قَالَ) عروة (وَابْنُ عُمَرَ يَسْمَعُ) جملة في محلّ نصب على الحال (فَمَا) نافية (قَالَ: لَا) نفيًا لردّها عليه (وَلَا نعَمْ) موافقَةً لها (سَكَتَ) قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: سكوت ابن عمر على إنكار عائشة - رضي الله عنهما - يدلّ على أنه كان اشتبه عليه، أو نَسِي، أو شكّ.