قَطَعْنَا إِلَيْهِ كُلَّ بَرٍّ وَمَهْمَهٍ … وَلَا شَاغِلٌ إِلَّا وَعَنَّا قَطَعْنَاهُ
كَذَا عَزَمَاتُ السَّائِرِينَ لِطَيْبَةٍ … رَعَى اللهُ عَزْمًا لِلْحَبِيبِ عَزَمْنَاهُ
وَكَمْ جَبَلٍ جُزْنَا وَرَمْلٍ وَحَاجِرٍ (١) … وَللَّهِ كَمْ وَادٍ وَشِعْبٍ عَبَرْنَاهُ
تُرَنِّحُنَا (٢) الأَشْواقُ نَحْوَ مُحَمَّدٍ … فَنَسْرِي وَلَا نَدْرِي بِمَا قَدْ سَرَيْنَاهُ
وَلَمَّا بَدَا جِزْعُ الْعَقِيقِ رَأَيْتُنَا … نَشَاوَى سُكَارَى فَارَحِينَ بِرُؤيَاهُ
شَمَمْنَا نَسِيمًا جَاءَ مِنْ نَحْوِ طَيْبَةٍ … فَأَهْلًا وَسَهْلًا يَا نَسِيمًا شَمَمْنَاهُ
فَقَدْ مُلِئَتْ مِنَّا الْقُلُوبُ مَسَرَّةً … وَأَيُّ سُرُورٍ مِثْلَ مَا قَدْ سُرِرْنَاهُ
فَوَا عَجَبَاهُ كَيْفَ قَرَّتْ عُيُوُننَا … وَقَدْ أَيْقَنَتْ أَنَّ الْحَبِيبَ أَتَيْنَاهُ
وَلُقْيَاهُ مِنَّا بَعْدَ بُعْدٍ تَقَارَبَتْ … فَوَاللهِ لَا لُقْيَا تُعَادِلُ لُقْيَاهُ
وَصَلْنَا إِلَيْهِ وَاتَّصَلْنَا بِقُرْبِهِ … فَلِلَّهِ مَا أَحْلَى وُصُولًا وَصَلْنَاهُ
وَقَفْنَا وَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ وإِنَّهُ … لَيَسْمَعُنَا مِنْ غَيْرِ شَكٍّ فَدَيْنَاهُ
وَرَدَّ عَلَيْنَا بِالسَّلَامِ سَلَامَنَا … وَقَدْ زَادَنَا فَوْقَ الَّذِي قَدْ بَدَانَاهُ
كَذَا كَانَ خُلْقُ الْمُصْطفَى وَصِفَاتُهُ … بِذَلِكَ فِي الْكُتْبِ الصِّحَاحِ عَرَفْنَاهُ
وَثَمَّ دَعْوَنَا لِلأَحِبَّةِ كُلِّهِمْ … فَكَمْ مِنْ حَبِيب بِالدُّعَا قَدْ خَصَصْنَاهُ
وَمِلْنَا لِتَسْلِيمِ الإِمَامَيْنِ عِنْدَهُ … فَإِنَّهُمَا حَقًّا هُنَاكَ ضَجِيعَاهُ
وَكَمْ قَدْ مَشَيْنَا فِي مَكَانٍ بِهِ مَشَى … وَكَمْ مَدْخَل لِلْهَاشِمِيِّ دَخَلْنَاهُ
وَآثَارُهُ فِيهَا الْعُيُونُ تَمَتَّعَتْ … وَقُمْنَا وَصَليْنَا بِحَيْثُ مُصَلَّاهُ
وَكَمْ قَدْ نَشَرْنَا شَوْقَنَا لِحَبِيبِنَا … وَكَمْ مِنْ غَلِيلٍ فِي الْقُلُوبِ شَفَينَاهُ
وَمَسْجِدُهُ فِيهِ سَجَدْنَا لِرَبِّنَا … فَلِلَّهِ مَا أَعْلَى سُجُودًا سَجَدْنَاهُ
بِرَوْضَتِهِ قُمْنَا فَهَاتِيكَ جَنَّةٌ … فَيَا فَوْزَ مَنْ فِيهَا يُصَلِّي وَبُشْرَاهُ
وَمِنْبَرُهُ الْمَيْمُونُ مِنْهُ بَقِيَّةٌ … وَقَفْنَا عَلَيْهَا وَالْفُؤَادَ كَرَرْنَاهُ
كَذَلِكَ مِثْلَ الْجِذْعِ حَنَّتْ قُلُوُبنَا … إِلَيْهِ كَمَا وَدَّ الْحَبِيبَ وَدِدْنَاهُ
وَزُرْنَا قُباً حُبًّا لأحْمَدَ إِذْ مَشَى … عَسَى قَدَمًا يَخْطُو مَقَامًا تَخَطَّاهُ
لِنُبْعَثَ يَوْمَ الْبَعْثِ تَحْتَ لِوَائِهِ … إِذَا اللهُ مِنْ تِلْكَ الأَمَاكِنِ نَادَاهُ
(١) حاجر بالراء: الأرض المرتفعة، ووسطها منخفض.
(٢) من الترنيح: أي تميل بنا من أجل الطرب والسرور.