قلت (١): ليست بأَيْمانٍ (٢) في عُرفِ اللغة، وأما في عُرْفِ الشَّرعِ، فاختلفوا:
فقال الشافعيُّ وأحمدُ: ليست بأيمانٍ تجبُ بها الكفارةُ؛ وإنما هي نذورٌ يجبُ بها ما التزمَه (٣).
ويروى هذا عن عائشة -رضي الله تعالى عنها (٤) -.
وقال أبو ثَوْرٍ: يجبُ الكفارة في التعليقِ بالعتق وحدَه (٥).
وقال مالكٌ: هي أيمان تجبُ بها الكفارةُ (٦)؛ لقوله تعالى:{لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ}[التحريم: ١]، مع قوله:{قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}[التحريم: ٢]، فسماها الشرع يميناً؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كفارةُ النذرِ كفارةُ يمينٍ"(٧)، حتى قال بعض المالكيةِ: النذرُ يمينٌ حقيقةً.
وقال أهلُ الظاهرِ: ليست بأيمانٍ يلزمُ منها الإثمُ والكَفّارةُ، ولا بِنُذورٍ يلزم بها ما التَزَمَهُ، وإنما يجبُ بذلك ما أَلْزَمَهُ الشرعُ؛ كالطلاقِ، والعتق (٨).
وسيأتي الكلامُ على ذلك في النذر -إن شاء الله تعالى-.
(١) في "ب": "قلنا". (٢) في "ب": "أيماناً". (٣) انظر: "المجموع" للنووي (٨/ ٣٤٤)، و"المغني" لابن قدامة (٩/ ٤١٥). (٤) رواه الدارقطني في "السنن" (٤/ ١٥٩)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ٦٥). (٥) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٥/ ١٨١). (٦) انظر: "بداية المجتهد" لابن رشد (١/ ٣٠٠)، و"الذخيرة" للقرافي (٤/ ٩٥). (٧) رواه مسلم (١٦٤٥)، كتاب: النذر، باب: في كفارة النذر، عن عقبة بن عامر. (٨) انظر: "المحلى" لابن حزم (٨/ ١٢).