والثاني: تأويلٌ لظاهر النّص من فوقية العلوّ إلى فوقية القدرة والعظمة، والقولان خلاف مذهب أهل السُّنّة والجماعة.
الشاهد: خطأ المؤولة في صرف معنى الفوقية في قوله: {مِنْ فَوْقِهِمْ} إلى فوقية القهر والقدرة دون العلوّ في الذات.
والصحيح أن قوله:{رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ}، فيه تقريرٌ لصفة العلوّ لله - عز وجل - على خلقه، وتشمل علوّ الذات والقدر، وذلك وفقًا لما جاء في الكتاب والسُّنّة الصحيحة، ومن ذلك قوله تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (١٦) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (١٧)} (١).
وقوله - صلى الله عليه وسلم - للجارية:(أَيْنَ اللهُ؟ )، قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ. قَالَ:(مَنْ أَنَا؟ )، قَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللهِ. قَالَ:(أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ)(٢)، وغير ذلك من الأدلة التي تثبت صفة العلوّ والفوقية لله - عز وجل - (٣).
قال السعدي - رحمه الله - عند قوله تعالى:{يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}:
" لما مدحهم بكثرة الطاعة والخضوع لله، مدحهم بالخوف من الله الذي هو فوقهم
(١) سورة الملك: ١٦ - ١٧. (٢) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة، ونسخ ما كان من إباحته (١/ ٣٨١)، رقم الحديث: ] ٥٣٧ [، من حديث معاوية بن الحكم السلمي. (٣) للاستزادة يُنظر: إثبات صفة العلو، لابن قدامة (ص: ١٨٦)، والفتاوى الكبرى لابن تيمية (٤/ ٤٥٠)، واجتماع الجيوش الإسلامية، لابن القيم (٢/ ١٥٦).