[الدَّلِيلُ الرَّابعُ عَلَى تَحْرِيمِ قَتْلِ الكَافِرِ لمُجَرَّدِ كُفْرِهِ]
وَأَيضًا: فَلَو كَانَ مُجَرَّدُ الكُفْرِ مُبِيحًا: لمَا أَنْزَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - قُرَيظَةَ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ (١) فَيهِمْ، وَلَو حَكَمَ فِيهِمْ بِغَيرِ القَتْلِ لَنَفَذَ حُكْمُهُ، بَلْ كَانَ يَأْمُرُ بِقَتْلِهِمْ ابْتِدَاء، وَإِنَّمَا قَالَ لَهُ لمَّا حَكَمَ فِيهِمْ بِالقَتْلِ: "لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللهِ" (٢).
لأَنَّ قَتْلَ تِلْكَ الطَّائِفَةِ المُعَيَّنَةِ مِنَ الكُفَّارِ كَانَ فِي نَفْسِ الأَمْرِ مِمَّا أَمَرَ اللهُ بهِ رَسُولَهَ، وَكَانَ أَرْضَى للهِ وَرَسُولِه، فَإِنَّهُمْ لَو أُطْلِقُوا لَعَادَ عَلَى الإِسْلامِ مَنْ شَرِّهِمْ مَا لا يُطْفَأْ، وَلَكِنْ هَذَا مَا كَانَ ظَاهِرًا.
وَكَانَ لهمْ مِنْ حُلَفَائِهِمْ فِي الجاهِلَيَّةِ مِنَ المُسْلِمِينَ مَنْ يَخْتَارُ المَنَّ عَلَيهِمْ، فَلَمَّا حَكم فَيهِمْ سَعَدٌ بِالقَتْل، قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - "لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللهِ". وَهَذَا يَدَلُّ عَلَى أَنْ بَعْضَ الكُفَّارِ يَتَعَيَّنُ قَتْلُهُ دُونَ
(١) في هامش الأصل كتب: (بياض بالأصل)، ثم أضافها في الأصل بين معقوفتين.(٢) سبق تخريجه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute