بنيّ عساها نومة، فانتباهة … فكم ذا أنادي العين: طال (١) الكرى تعبي
بنيّ أعرني من منامك خلسة … لعلّي أن ألقى مناي من الغيب
بنيّ أرحني بالإجابة مخبرا … فقد كنت ذا رأي، فما لك لا تنبي
بنيّ وفي طيّ الحشا كنت ثاويا … فكيف سخت نفسي بدفنك في التّرب
فلا غرو أن أضحى لك الغرب مدفنا … فإنّ مغيب الشّمس والبدر في الغرب
لقد هصرت كفّ المنون إلى البلى … قضيب شباب كان من أنضر القضب
فيا غصنا خفّت أزاهر حسنه … تحلّيك أجفاني بلؤلؤها الرّطب
ويا أحمد المحمود قد كنت مشبها … بطيب الخلال الحلو والبارد العذب
لآل جبير فيك أيّ فجيعة … فما منهم من يستفيق من الكرب
وقد كنت وسطى العقد فيهم فربّما … نقصت، فصار العقد منتثر الحبّ
وكم خالة أمست عليك بحالة … من الحزن ما تنفكّ ذاهلة اللّبّ
وأبناء خالات تسقّيهم الأسى … كئوسا وهم حتّى إلى الآن في الشّرب
وصاحبة قد كنت صبّا بذكرها … وكنت لها حبّا، وناهيك من حبّ
فأنّت (٢) وهامت فيك بالوجد والأسى … وحقّ لها فالصّبّ يفجع بالصّبّ
وراحت بأثواب الحداد وطالما … لها كنت تستخفي الحرير مع العصب
وكم أجنبيّ فيك قد بات ساهرا … تقلّبه الأفكار جنبا إلى جنب
رزقت قبولا ما سمعت بمثله … فهذا على هذا بإشفاقه يربي
وكنت وصولا للقرابة جاريا … لمرضاتهم، برّا، بريئا من العجب
مجدّا إذا كلّفت أمر ملمّة … مضيت مضاء السّهم والصّارم العضب
جوادا (٣) كريم النّفس تلتذّ بالنّدى … فتسخو ولا تخفي، وتحيي ولا تجبي
حريصا على نيل المعالي بهمّة … كسبت بها من ذخرها أفضل الكسب
وكانت لك الآداب روضة نزهة … وكنت محبّا في مطالعة الكتب
تفتّق زهر النّثر في الطّرس يانعا … وتنظم درّ الشّعر نظما بلا تعب
(١) في الأصل أ: طول.
(٢) في الأصل أ: فأمت.
(٣) في الأصل أ: جواد.