مَثَلاً شَيْءٌ مَّا، أَوْ ذَاتُ مَا لَهُ الْقِيَامُ، وَلَمَّا لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الذَّاتُ الْمُبْهَمَةُ مَقْصُوْدَةً مِنْهَا، وَلَا شُهِرَتْ لِمَا يَصْلُحُ وَجْهَ شَبَهٍ فِي الِاسْتِعَارَةِ = لَمْ يُتَصَوَّرْ جَرَيَانُ الِاسْتِعَارَةِ فِيْهَا، بَلْ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ بِحَسْبِ مَعَانِيْ مَصَادِرِهَا الْمَقْصُوْدَةِ مِنْهَا، فَكَانَتْ تَبَعِيَّةً.
وَأَمَّا أَسْمَاءُ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْآلَةِ، فَإِنَّهَا -وَإِنْ كَانَتْ دَالَّةً عَلَى ذَوَاتٍ مُتَعَيِّنَةٍ بِاعْتِبَارٍ مَّا- فَإِنَّ قَوْلَكَ: (مَقَامٌ) (١) فَمَعْنَاهُ: مَكَانٌ فِيْهِ الْقِيَامُ، لَا شَيْءٌ مَّا، أَوْ ذَاتُ مَا فِيْهِ الْقِيَامُ، إِلَّا أَنَّ الْمَقْصُوْدَ الْأَصْلِيَّ مِنْهَا أَيْضاً مَعَانِي مَصَادِرِهَا الْوَاقِعَةُ فِيْهَا أَوْ بِهَا، فَتَكُوْنُ الِاسْتِعَارَةُ فِيْهَا تَبَعاً لَهَا أَيْضاً، وَلَوْ قُصِدَ التَّشْبِيْهُ وَالِاسْتِعَارَةُ بِحَسْبِ تِلْكَ الذَّاتِ، لَوَجَبَ أَنْ يُذْكَرَ بِأَلْفَاظٍ دَالَّةٍ عَلَى نَفْسِهَا.
وَبِهَذَا التَّفْصِيْلِ اتَّضَحَ الْفَرْقُ بَيْنَ الصِّفَةِ كَاسْمِ الْفَاعِلِ وَأَخَوَاتِهِ، وَبَيْنَ اسْمِ الْمَكَانِ وَأَخَوَاتِهِ».
· وَالْمُرَادُ بِمُتَعَلَّقِ مَعْنَى الْحَرْفِ (٢): مَا يُعَبَّرُ عَنْهُ - أَيْ: عَنْ مَعْنَى الْحَرْفِ - عِنْدَ تَفْسِيْرِهِ مِنَ الْمَعَانِي الْمُطْلَقَةِ؛ كَالِابْتِدَاءِ، وَنَحْوِهِ؛ حِيْنَ يُقَالُ: (مِنْ) مَعْنَاهَا: ابْتِدَاءُ الْغَايَةِ، وَ (فِيْ) مَعْنَاهَا: الظَّرْفِيَّةُ، وَ (كَيْ) مَعْنَاهَا: الْغَرَضُ (٣).
وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ عُرِفَ أَنَّ مَعْنَى لَفْظِ الِابْتِدَاءِ هُوَ الِابْتِدَاءُ الْمُطْلَقُ، وَأَنَّ مَعْنَى (مِنْ) هُوَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الِابْتِدَاءَاتِ الْمَخْصُوْصَةِ الْمُتَصَوَّرَةِ بَيْنَ أَشْيَاءَ مُعَيَّنَةٍ عَلَى أَنَّهَا آلَةٌ لِمُلَاحَظَتِهَا.
فَإِذَا أُرِيْدَ التَّعْبِيْرُ عَنْ ذَلِكَ الِابْتِدَاءِ عُبِّرَ عَنْهَا بِالِابْتِدَاءِ الْمُطْلَقِ الَّذِيْ
(١) صل: قام، تحريف.(٢) هذا التّعريف للسَّكّاكيّ، في مفتاحه ص ٤٨٩.(٣) انظر: الجنى الدّاني ص ٣٠٨، ص ٢٥٠، ص ٢٦١.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute