فَإِنْ أُرِيْدَ الْجَمْعُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فِيْ أَمْرٍ مِنَ الْأُمُوْرِ، مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ إِلَى كَوْنِ أَحَدِهِمَا نَاقِصاً وَالْآخَرِ زَائِداً، سَوَاءٌ أَوُجِدَتِ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ أَمْ (١) لَمْ تُوْجَدْ = فَالْأَحْسَنُ تَرْكُ التَّشْبِيْهِ إِلَى الْحُكْمِ بِالتَّشَابُهِ؛ لِيَكُوْنَ كُلٌّ مِنَ الشَّيْئَيْنِ مُشَبَّهاً وَمُشَبَّهاً بِهِ؛ احْتِرَازاً مِنْ تَرْجِيْحِ أَحَدِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ فِيْ وَجْهِ الشَّبَهِ؛ كَقَوْلِهِ: [الطّويل]
تَشَابَهَ دَمْعِيْ - إِذْ جَرَى - وَمُدَامَتِيْ ... فَمِنْ مِثْلِ مَا فِي الْكَأْسِ عَيْنِيَ تَسْكُبُ
فَوَاللهِ مَا أَدْرِيْ أَبِالْخَمْرِ أَسْبَلَتْ ... جُفُوْنِيْ، أَمْ مِنْ عَبْرَتِيْ كُنْتُ أَشْرَبُ؟ (٢)
لَمَّا اعْتَقَدَ التَّسَاوِيَ بَيْنَ الْخَمْرِ وَالدَّمْعِ تَرَكَ التَّشْبِيْهَ إِلَى التَّشَابُهِ.
وَيَجُوْزُ عِنْدَ إِرَادَةِ جَمْعِ شَيْئَيْنِ فِيْ أَمْرِ التَّشْبِيْهِ أَيْضاً؛ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ تَسَاوَيَا فِيْ وَجْهِ التَّشْبِيْهِ - بِحَسْبِ قَصْدِ الْمُتَكَلِّمِ - إِلَّا أَنَّهُ يَجُوْزُ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ أَحَدَهُمَا مُشَبَّهاً وَالْآخَرَ مُشَبَّهاً بِهِ لِغَرَضٍ مِنَ الْأَغْرَاضِ؛ مِثْلُ زِيَادَةِ الِاهْتِمَامِ كَتَشْبِيْهِ (غُرَّةِ الْفَرَسِ بِالصُّبْحِ)، وَتَشْبِيْهِ (الصُّبْحِ بِغُرَّةِ الْفَرَسِ) مَتَى أُرِيْدَ ظُهُوْرُ مُنِيْرٍ فِيْ مُظْلِمٍ أَكْثَرَ مِنْهُ - أَيْ مِنْ ذَلِكَ الْمُنِيْرِ - مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ إِلَى الْمُبَالَغَةِ فِيْ وَصْفِ غُرَّةِ الْفَرَسِ بِالضِّيَاءِ وَالِانْبِسَاطِ وَفَرْطِ التَّلَأْلُؤِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
إِذْ لَوْ قُصِدَ ذَلِكَ لَوَجَبَ جَعْلُ الْغُرَّةِ (٣) مُشَبَّهاً وَالصُّبْحِ مُشَبَّهاً بِهِ.
وَأَمَّا تَقْسِيْمُ التَّشْبِيْهِ
(١) صل: أو، لحن.(٢) أنشَده الثَّعالبيّ لأبي إسحق الصّابي في يتيمة الدّهر ٢/ ٣٠٣، والإعجاز والإيجاز ص ٢٧٤، ومَن غاب عنه المطرب ص ١٧٠، وخاصّ الخاصّ ص ١٦٢، وكذا في الإيضاح ٤/ ٧٨، ومعاهد التّنصيص ٢/ ٥٩، وأنوار الرّبيع ٥/ ١٢٦، وبلا نسبة في البديع في نقد الشّعر ص ١٤٦.(٣) د: غرّة الفرس.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute