فَإِنْ قُلْتَ: مَا وَجْهُ الِانْحِصَارِ فِيْهِمَا؟
قُلْتُ: وَجْهُهُ مَا ذَكَرَهُ الشَّرِيْفُ (١): «أَنَّ الْقَصْرَ إِنَّمَا يُتَصَوَّرُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ بَيْنَهُمَا نِسْبَةٌ:
- فَإِمَّا أَنْ يَكُوْنَ قَصْراً لِلْمَنْسُوْبِ إِلَيْهِ عَلَى الْمَنْسُوْبِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَصْرِ الْمَوْصُوْفِ عَلَى الصِّفَةِ.
- وَإِمَّا أَنْ يَكُوْنَ قَصْراً لِلْمَنْسُوْبِ عَلَى الْمَنْسُوْبِ إِلَيْهِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَصْرِ الصِّفَةِ عَلَى الْمَوْصُوْفِ». اِنْتَهَى.
- وَاعْلَمْ أَنَّ قَصْرَ الْمَوْصُوْفِ عَلَى الصِّفَةِ مِنَ الْحَقِيْقِيِّ لَا يَكَادُ يُوْجَدُ؛ لِتَعَذُّرِ الْإِحَاطَةِ بِصِفَاتِ الشَّيْءِ؛ وَمِثَالُهُ: (مَا زَيْدُ إِلَّا كَاتِبٌ) إِذَا أُرِيْدَ أَنَّهُ لَا يُوْصَفُ بِغَيْرِ الْكِتَابَةِ.
وَأَمَّا قَصْرُ الصِّفَةِ عَلَى الْمَوْصُوْفِ مِنَ الْحَقِيْقِيِّ فَكَثِيْرٌ؛ نَحْوُ: (مَا فِي الدَّارِ إِلَّا زَيْدٌ) عَلَى مَعْنَى: أَنَّ الْكَوْنَ فِي الدَّارِ مَقْصُوْرٌ عَلَى زَيْدٍ.
وَقَدْ يُقْصَدُ بِقَصْرِ الصِّفَةِ عَلَى الْمَوْصُوْفِ الْمُبَالَغَةُ، كَمَا يُقْصَدُ بِقَوْلِنَا: (مَا فِي الدَّارِ إِلَّا زَيْدٌ) أَنَّ مَنْ فِي الدَّارِ مِمَّنْ عَدَا زَيْداً فِيْ حُكْمِ الْمَعْدُوْمِ. وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الْقَصْرَ الْحَقِيْقِيَّ
نَوْعَانِ:
١ - حَقِيْقِيٌّ؛ تَحْقِيْقاً.
٢ - وَحَقِيْقِيٌّ؛ مُبَالَغَةً وَادِّعَاءً.
قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ (٢): «وَيُمْكِنُ أَنْ يُعْتَبَرَ هَذَا فِيْ قَصْرِ الْمَوْصُوْفِ عَلَى
(١) الشّريف الجرجانيّ ت ٨١٦ هـ. سبق ص ٣٠. والكلامُ في حاشيته على المطوّل، بهامش المطوّل ص ٢٠٥. (طبعة خادم العلم السني).(٢) في المطوّل ص ٣٨٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute