للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نحو: فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (١) والوعيد؛ كقولك لمن يسىء الأدب: ألم أؤدب فلانا ...

===

حتى على هذه النسخة وبين كلام السيد وحاصل ما فى المقام أن عدم الرؤية قد يكون لحائل فى جانب الرائى، وقد يكون لحائل فى جانب المرئى فقوله: ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ إن كان استفهاما عن حائل فى جانب الرائى يوجب عدم الرؤية فلا يمكن حمل الاستفهام على حقيقته، إذ لا معنى للاستفهام عن حال نفسه فهو مجاز عن التعجب، وإن كان استفهاما عن حائل فى جانب المرئى يوجب عدم الرؤية كالساتر، فيجوز أن يكون الاستفهام على حقيقته، فإن قصد به التعجب وجهل إرادة المعنى الحقيقى بمجرد الانتقال كان كناية وإن قصد به المعنى الحقيقى مع التعجب كان من مستتبعات الكلام، وبهذا ظهر الجمع بين كون الاستفهام على حقيقته وكونه للتعجب وظهر الجمع بين كلام الشارح من أن كلام صاحب الكشاف لا يدل على أن الاستفهام على حقيقته على النسخة الثانية وبين كلام السيد فى شرح المفتاح القائل أن كلام صاحب الكشاف ظاهر فى أن الاستفهام على حقيقته لما علمت أن مراد الشارح عدم الدلالة قطعا ومراد السيد ظهوره فى حقيقة الاستفهام. اه عبد الحكيم.

(قوله: فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ) أى: فليس القصد الاستفهام عن مذهبهم، بل التنبيه على ضلالهم وأنهم لا مذهب لهم ينجون به والعلاقة بين الاستفهام المدلول لذلك اللفظ وبين التنبيه المذكور اللزوم وبيان ذلك أن الاستفهام عن الشىء: كالطريق فى هذا المثال يستلزم تنبيه المخاطب عليه، وتوجيه ذهنه إليه، فإذا سلك طريقا واضح الضلالة كان ذلك غفلة منه عن الالتفات لتلك الطريق، فإذا نبه عليه ووجه ذهنه إليه كان تنبيها له على ضلاله، فالاستفهام عن ذلك يستلزم توجيه ذهنه إليه المستلزم للتنبيه على كونه ضلالا.

قال السيد: فاستعمال صيغة الاستفهام فى التنبيه المذكور من استعمال اسم الملزوم فى اللازم، قال عبد الحكيم: ولك أن تجعل اللفظ مستعملا فى الاستفهام ليتوصل


(١) التكوير: ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>