ومفهومات، فلها حدود حقيقية واسمية، وأما المعدومات فليس لها إلا المفهومات؛ فلا حدود لها إلا بحسب الاسم؛ لأن الحد بحسب الذات لا يكون إلا بعد أن يعرف أن الذات موجودة حتى إن ما يوضع فى أول التعاليم من حدود الأشياء التى ...
===
(قوله: ومفهومات) أى: صور حاصلة فى العقل مدركة من الألفاظ الدالة عليها بواسطة معرفة وضعها لها، والحاصل أن كلا من الموجودات والمعدومات وضع له ألفاظ؛ لأن الوضع لا يشترط فيه تحقق الموضوع له، وتلك الألفاظ الموضوعة يدرك العقل منها صورا بواسطة معرفة وضعها وتلك الصور هى مفهومات الألفاظ
(قوله: فلها حدود حقيقية) أى: تدل على الحقائق
(قوله: واسمية) أى: لفظية تدل على المفهومات من الأسماء
(قوله: فليس لها إلا المفهومات) وهى الصور العقلية المدركة من أسمائها
(قوله: إلا بحسب الاسم) أى: لا بحسب الذات وكان الأولى أن يقول: فلا تعريف لها إلا بحسب الاسم؛ لأن الحد ما كان بالذاتيات وهى لا ذاتيات لها
(قوله: لأن الحد بحسب الذات) أى: بالنظر للذات أى: الحقيقة
(قوله: حتى إن ما يوضع إلخ) غاية لقوله لأن الحد بحسب الذات لا يكون إلا بعد إلخ، وحاصل كلامه أن الحد الاسمى قد ينقلب حقيقيا، فالواضع إذا تعقل نفس الحقيقة ووضع الاسم بإزائها فقبل العلم بوجود تلك الحقيقة يكون تعريفا اسميا، وبعد العلم بوجودها ينقلب حدا حقيقيا، فالحد الحقيقى والحد الاسمى لا منافاة بينهما إلا بذلك الاعتبار، مثلا تعريف الشكل المثلث المتساوى الأضلاع بما أحاط به ثلاث خطوط متساوية حد اسمى وبعد علمك بوجوده بالشكل الأول من التحرير يصير حدا حقيقا، وكذلك إذا قلت لمن لا يعرف معنى لفظ صلاة الصلاة عبادة ذات أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم كان ذلك حدا اسميا، فإذا علم المخاطب بعد ذلك بوجودها بأن سأل عن وجودها، وقال هل هى موجودة فقلت له: إن النبى قد أمر بها وكل ما أمر به النبى فهو موجود انقلب ذلك الحد الاسمى حدّا حقيقيّا، بقى شىء آخر وهو أن الحد الاسمى إذا انقلب حدا حقيقيا هل فى هذه الحالة يقال له حد اسمى أو أن الشرط فى كونه اسميا عدم العلم بوجود تلك الحقيقة، فإذا وجد العلم انتفى عنه ذلك الاسم